موريتانيا خلال اربع سنوات قادمة... سيد أحمد ابنيجارة

أحد, 06/09/2020 - 18:45

الراصد : لن أبالغ مثلما يبالغ البعض في أن النظام الجديد سوف يعبر بالبلاد إلى بر الأمان.
أصحاب هذا الرأي يتفقون في قضية هي اليوم جوهر الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، و هي الخلاف القائم بين الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني و الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز و لكنهم يختلفون في التفاصيل.
و هنا مكمن خلافي معهم، عندما يختزلون أزمات هذا الشعب المطحون، في صراعهم على السلطة و يبررون لهذه السلطة و شركائها تحت عناوين عديدة، التنكيل بالخصوم و انتهاكـ الدستور و القوانين.
يزعم النظام القائم أن رهانه على التهدئة السياسية سوف يغير بمرور الوقت مواقف الموالاة و المعارضة و يوحد جهودها للإصلاح المتمثل في توزيع السلطة و الثروة على أحزاب جبهة النظام؛ و هو بذلكـ يبالغ لأنه يتجاهل أن خطوة كهذه لا تتطلب الكثير من الدعاية و الحشد و لا من مطاردة الخصوم، بل لعله أخطأ في تفسير أو تبرير هذه الخطوة التي هي نتيجة طبيعية للصراع على الحكم، فكثيرا ما تنشأ اصطفافات و يتقاطع الأعداء في مواقف لكنها تتغير بانتفاء السبب و هو ما سيحدث لهذه التهدئة التي يراهن النظام اليوم عليها معتقدا أنه حقق أكبر إنجاز سياسي باستمالة المعارضة إلى صف النظام.
الأمر الثاني؛ و هو يعكس عمق الأزمة داخله لا مع خصومه، أنه لأول مرة نظام ينفصل خطابه السياسي عن الواقع، و كأننا نعيش في حقبة الحرب الباردة عندما كانت الأنظمة الشمولية تحكم العديد من دول العالم، فيتحول الحزب الحاكم في البلاد إلى منظمة بوليسية قمعية، تقيم محاكم التفتيش و تصدر قرارات الإعتقال و تصنف الخصوم السياسيين بأنهم أعداء و خونة و هو ما لم يحدث إلا فترات وجيزة في العهود السابقة.
هذا التحول أو التغيير في نهج النظام الحاكم يطرح العديد من الأسئلة: 
فهل هذا التوجه الجديد يعكس بالفعل تفكير القيادة السياسية لحزب الإتحاد من أجل الجمهورية ، أم هو نهج أملته ظروف "انقلاب أبيض" يهيأ له طرف ثالث داخل النظام طامع في الحكم ؟
و هل الرئيس محمد ولد الغزواني، يدركـ أبعاد المخطط أم أنه أصبح خارج حسابات الحكم و لكن بقاءه إلى حين ضروري للإنقلابيين لكسر رموز النظام السابق و  السيطرة على المراكز الصلبة داخل الدولة و تجييش الشارع ليكون ضاغطا باستمرار للتغطية على الرؤوس الخفية المدبرة للإنقلاب ؟
قد لا تلقى هذه الأسئلة حيّزا من الإهتمام داخل النظام، لكن المراقب المحايد للشأن السياسي الوطني، يلاحظ أن النظام الحاكم يعاني من اختلالات داخل منظومته السياسية التي طغت عليها العناوين الزائفة و تحول من نظام متجانس و متماسكـ إلى نظام مترهل يتربص به أعداءه بالأمس، أصدقاؤه اليوم. 
و أقرب تشبيه للنظام الحالي ، أن الفترة الراهنة تشبه في ملامحها فترة "البيروستريكا" في آخر عهود دولة الإتحاد السوفيتي.
فكثير من السياسيين الذين يجري تدويرهم في المناصب الحكومية الآن، يعززون أطماع الطرف الثالث الذي يسعى إلى انهيار النظام من الداخل، و يتمدد بكوادره النوعية داخل المراكز الصلبة في الدولة ، تمهيدا للإستلاء على الحكم بهدوء، بعد أن يكون النظام قد خسر حاضنته الشعبية، لسوء اختياراته للمسؤولين و سياساته الاجتماعية و الاقتصادية الفاشلة.