ايرا موريتانيا : في انتظار العلاج...مذكرة تحذير نهائي

اثنين, 23/03/2020 - 18:29

الراصد : في مواجهة انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، اتخذت موريتانيا بعض التدابير –الجزئية- المتعلقة بالحجر وإغلاق الحدود. هذه القرارات، المتخذة لحسن الحظ خارج كل ضغط سريري، ولكن بحكم مبادئ الحيطة، تستحق التشجيع رغم عديد ردود الفعل التهاونية والتفضيلية على حساب الحذر. غير أنه من المؤسف أن التقييد الذاتي للحركة ما يزال غائبا لأن الغالبية، جهلا منها وميلا للخرافة والفوضى، تظهر بعض العداء للإكراهات المستجدة. مع أن عوز واضطراب النظام الصحي يحث على متطلبات الانضباط والتباعد والتحفظ باعتبارها الوسيلة الوحيدة للحد من العدوى في ظل غياب العلاج. إن المحنة المتعددة الأوجه التي فرضها فيروس كورونا على البلاد ومحيطها تتضمن تأثيرا غير محسوس حتى الآن، إلا أن انعكاساتها تحمل، على المدى المتوسط، تحديا كبيرا على مستوييْ الأمن والاستقرار.

سيكون من المناسب، حاليا، أن نحد من مدى تأثيرها المضر شبه الأكيد على الانسجام الاجتماعي. من هذا المنطلق، فإن مجموعات بعينها تبدو معرضة لمخاطر التعرض للوباء على نحو أكبر. وبالتالي، فإن الإجراءات الوقائية التالية تفرض نفسها:
1-تتطلب الحيطة تخفيف الازدحام في السجون التي كانت، مسبقا، مكتظة. إن تخفيف الازدحام في السجون، دون التخلي عن المتابعة في حالة الحبس التحفظي، يعتمد على أمر بالحرية المؤقتة أو حتى العفو لفائدة أصحاب مختلف المخالفات باستثناء مرتكبي القتل والعنف المسلح والاغتصاب. ويجب أن ينسحب مشروع الاستثناء على الأشخاص الذين قضوا الثلثين من محكوميتهم وتركوا انطباعا بالندم. ومع مراعاة الاستثناءات المذكورة أعلاه، فإن السجناء البالغين أكثر من 50 سنة، وكذا النساء والقصّر، يمثلون المستوى الأول من الهشاشة. وسيكون من دواعي حماية الأشخاص القائمين على السجن منع زيارات باقي السجناء مما يتطلب التكفل بغذائهم من طرف الدولة، ما سيوفره صندوق تضامن وطني لو أنه وضع قيد التنفيذ. فلا يمكن للعقوبة القانونية أن تبرر القتل حتى بدون نية القتل.
2-في ظل تعطل الشحن الدولي وانهيار مهن الاقتصاد غير المصنف الذي يغذي غالبية السكان، فإن الحكومة مدعوة، مدة 6 أشهر على الأقل، إلى رفع أو تخفيف الضرائب على المواد الحيوية خاصة الأغذية والأدوية والمحروقات والكهرباء والماء. لا شك أن الكثيرين فقدوا أعمالهم في العالم، وإذا استمرت الأزمة، فإن الكثير من الجوعى سيجدون أنفسهم في حالة تمرد على السلطة قبل انطلاق العصيان المدني في الشارع. وسيؤدي العمل على عودة النظام والهدوء إلى استخدام القوة الذي لا يمكن توقع انعكاساته.
إن إيرا-موريتانيا تطلب من النظام القائم أن يبدأ مسلسل تعزيز التضامن الوطني بغية استباق الخطر والحد من الآثار المرتقبة والاستعداد لما هو أسوأ بما فيه انفكاك حبل نظام المواصلات. إن مقاومة التجمعات السكانية ذات المصالح المتشابهة تكمن، بعيدا عن خلافاتنا المشروعة، في قدرتنا على تخمين وتجاوز هذه الفترات النادرة التي يصبح فيها الشعور بالانتماء للمجال البشري من بديهيات الخلاص الجمعوي.
اليوم يتوجب على الحكومة، باعتبارها الكيان الوحيد الشامخ في بلد يتهاوى، أن تراقب بشكل أفضل ظهور المشعوذين وباعة المعجزات في وسائل الإعلام. إن ضرر هذه الطائفة الدهياء يعزز التشويش على السياسات العمومية عندما يتعلق الأمر بإنقاذ الناس من الانقراض. وسيكون من الجريمة بمكان أن نخنع لتأثير هؤلاء جُبنا منا وإرضاء لنزوات شعبوية. إن الموريتانيين يحتاجون أكثر إلى الاستماع للمتخصصين في الأوبئة وأطباء الحالات المستعجلة وأخصائيي النظافة الصحية والموظفين المكلفين بالأمن. فالآن، لا يتعلق الأمر بشيء غير البحث عن سبل للبقاء على قيد الحياة.
ايرا-موريتانيا
23 مارس2020