كل المؤشرات الإقتصادية للبلد تشير بأن غزواني سيبدأ مأموريته بخزانة شبه فارغة ، ولو ألقينا نظرة على مداخيل الضرائب والدين العام للبلد وعائدات الثروات الطبيعية والصيد ،لوجدنا صورة قاتمة تلف مشاكل مالية يصعب على ساكن القصر الجديد حلها بسهولة .
كانت ميزانية 2019 ميزانية من الضرائب بامتياز ، حيث بلغت مساهمة الضرائب في هذه الميزانية 37.9 مليار أوقية ، وهو ما يمثل نسبة 69.5 % ، فلا سبيل إذن للبحث عن ملئ الخزانة عبر ضرائب جديدة ، فلم يترك وزير التجويع طريقة أو حيلة أو بابا لتحصيل الضرائب لمن سيأتي خلفه ، وزيادة فيها قد تأتي بنتائج عكسية وقد أرهقت كاهل المواطن والتجار من غير محيط الجنرال .
وصلت نسبة المديونية الخارجية إلى 100% من الناتج المحلي الإجمالي في آخر عهد الجنرال ووزير ماليته ، وهو ما سيجعل الصناديق والدول المانحة تشترط شروطا تعجيزية لتفادي إعطاء مزيد من الدين للبلد ، خاصة وأنه يعيش أزمة سياسية، والمشكل الأكبر أن وزير الدين ( ولد اجاي ) كما فعل في الضرائب ، لم يترك بابا أو حجة للحصول على مزيد من الدين لمن سيخلفه .
المؤسسات والشركات العمومية تعاني إرث سنوات من سوء التسيير أدى لإفلاس العديد منها ، كالشركة الوطنية لصيانة الطرق ( 2017 )، والشركة الوطنية للإيراد والتصدير ( 2018 ) ، أما باقي الشركات والمؤسسات العمومية فتعاني من سوء تسيير ومديونية تثير كثيرا من المخاوف على مستقبلها كالمطبعة الوطنية التي عجزت لبعض الوقت عن إصدار يومية الشعب، والخوف الأكبر يأتي من ناحية الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم)، والتي وصل مجموع ديونها في العام 2017 إلى 257 مليار أوقية، ومخاوف من إبرام صفقة غير عادلة بخصوص ميناء الصداقة بعد فشل صفقة خصخصته لصهر الجنرال .
ينضاف على ما سبق أن المستثمرين ورجال أعمال البلد ، عادة يتوقفوا عن ضخ أي مال في السوق أو إقامة مشاريع حتى يتبين لهم الخيط الأسود من الخيط الأبيض في توجهات الحاكم الجديد ، خاصة وأن المعارضة ترفض الإعتراف به .
أخيرا ، لا حل في نقص الإنفاق العام للدولة ، فالرواتب متدنية والخدمات العامة في أسوأ وضع يمكن أن تكون عليه ، والبلد يتذيل كل التصنيفات والمؤشرات الدولية في كل القطاعات والمجالات، وسياسة تقشف ستكون قشة ظهر البعير .
الكل في النظام يدرك هذه الوضعية المالية المحرجة ، وهو ما يفسر محاولة عزيز لاسترجاع فتات قليل مما نهب نظامه ، فمن ناحية يترك لصديقه في الخزانة العامة ما يسد به رمقه أيامه الأولى في الحكم في انتظار عثوره لنفسه بنفسه عن حل لهذه المعضلة ، ومن ناحية أخرى يضع له على رأسه هالة " محاربة الفساد " لأن الألقاب الرئاسية تم استهلاكها جميعها وصارت تتندر بها العامة والخاصة .
فتم فتح أربع ملفات فساد ، وأضيف إليها الملف الخامس حديثا ، وهي :
صوملك
المستشفى الوطني
التلفزيون الوطني
الوكالة الموريتانية للأنباء
* وكالة النفاذ الشامل .
ولكن ، هل سيسمح حال اقتصاد البلد والمواطن لغزواني بوقت لإيجاد حلول لهذا المشكل بطابعه الاستعجالي ؟
لا أظن .
محمد فال محمد