أعرف أن من بين الأصدقاء والمتابعين عدد كبير من رجال الشرطة، وقد تأكدت من ذلك في مناسبات مختلفة، جمعتني ببعضهم، لذلك أحب أن أوجه لهم هذه الرسالة، انطلاقا من حدث اليوم، وحوار طويل مع أحد قادتهم.
اليوم كنت أصور وقفة لنشاطات في حراك "هن" بعد انطلاقة الناشطات من أمام وزارة الشؤون الاجتماعية إلى البرلمان، تدخلت الشرطة، من أجل تفريق الناشطات.
فجأة قام أفراد الشرطة بتكسير اللافتات الخشبية، وطرحها أرضا، كذلك تم طرح بعضهن ارضا، ليستوين مع اللافتات على الاسفلت.
كصحفي جئت من أجل التغطية، كنت أصور كل شيء، عندما توترت الأمور وتم الاعتداء على بعض المشاركات في الوقفة، وجدتني فجأة بين أيدي شرطي يحاول منعي من التصوير، فيما كانت "مجنونة عزيز" تحاول الإحالة بيني وبين المتظاهرات، لكي لا أصورهن يسقطن بسبب دفع الشرطة لهن.
في النهاية وجد الشرطي الدعم من صديقه، وأخذوا الهاتف مني، ثم دفعوني في سيارتهم من الأمام، بينما يقول أحدهم:
"ذاك ادور اتشوفو"
بعد تفريق الوقفة، وخروج الفتيات من الساحة، بقيت معهم في السيارة، ثم أنزلوني إلى قائدهم، وهو الذي تحدث معي بشكل معمق وأطول.
هذا هاتفك ؟ سألني
نعم هاتفي
لماذا تصور الشرطة وهي تقوم بعملها ؟
أنا أيضا أقوم بعملي؟
إذا أنت تريد تشويه سمعة الشرطة والبلد خارجه وداخله؟
أنا دوري إظهار ما يحصل في البلد وليس التستر عليه
إذا أنت من الصحافة التي نعرف؟
لا أبدا لست من الصحافة التي تعرفون
أنت ستنشر الصور لتشوهنا ؟
أنا عندما أكون صحفيا مشهوار، وأذهب للتبول في الشارع، وصورني أحدهم ونشرها، فأنا من أسيء للصحافة وليس من نشر الصورة؟
هذا هو تفكيرك ؟
نعم هو تفكيري، لأنكم قمتم بقمع متظاهرات سلميات بدون سبب، ودوري أن يعلم المواطن والمسوؤل بذلك
نحن نحمي الموطن والدستور
الوطن انتم وأنا وهن والجميع
هذا جزء من نقاشي مع قائد الفرقة التي أشرفت على قمع المتظاهرة، ورغم أنه كان حادا في بعض الأحيان، إلا أنه هدأ في النهاية ..
خلاصة رسالتي إلى الشرطة الموقرة المحترمة:
أنتم تؤمنون بأن قمع أي مظاهرات غير مرخصة، من صلب عملكم بغض النظر عمن قام بها، وتؤمنون بأنكم تحمون الوطن والدستور.
أنا أبضا أؤمن بأنني لست هناك للتفرج، دوري أن أصور كل صغيرة وكبيرة، وهذا هو عملي، وواجبي كصحفي، ولا اعتبر أنه تشويه لكم ولا للوطن، وما دمتم تعتبرون شيئا يشوه الوطن، لا تقوموا به من البداية.
رغم أن موقع تواتر نشر الخبر، لأن زميلتي في الموقع كانت معي في التغطية وأرسلت لهم صورة مني وانا في سيارة الشرطة، إلا أن ثلاثة فقط عدنان عبد الله ومحمد فال الشيخ، وأحمد اسلمو عبروا عن رفضهم للتضيق على الصحفيين أثناء عملهم.
هذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الموقع لي، ويتم تجاهله من الصحفيين، ففي العام الماضي تم الاعتداء علي وانا أغطي مظاهرات الطلاب، واعتبر بعض الصحفيين أن ذلك شيئا عاديا.
لقد باتت نظرة كثيريين لي في مجال الإعلام واضحة، رغم أنني أحاول تجاهلها، لكن يوما بعد يوم، ترغمني الظروف على التحدث عنها، لأنني أرى اشياء مماثلة تحصل لبعضهم، فتخرج البيانات ويكثر التنديد، حتى لو لم تكن تلك الحوادث أثناء العمل.
لكن مهما يكن، سأظل في الميدان مع اصحاب المطالب، سواء تمت مضايقتي أم لم تتم، أما أنتم فسلام عليكم يوم تنتقون من تتضامنون معه، وسلام عليكم يوم تصمتون، لا قدر الله علي الحاجة إليكم .
السالك ولد زيد