من حرق الطفلة "زينب" إلى حرق الشاب "ولد برو"..أين الأمن؟

أحد, 17/02/2019 - 11:15

جرائم بشعة تكرر حدوثها في السنوات الأخيرة، كانت من بينها الجريمة البشعة التي حدثت في آخر شهر من العام 2014، وكانت ضحيتها الطفلة "زينب" التي تم اغتصابها وحرقها ضحى في مقاطعة عرفات.

تواصلت الجرائم البشعة ولم نسمع عن أي استنفار أمني للحد منها، وكانت آخر هذه الجرائم البشعة الجريمة التي راح ضحيتها الشاب "محمدو ولد البار" رحمه الله تعالى وألهم ذويه الصبر والسلوان، والذي كانت جثته قد وجدت متفحمة في مكان مهجور بدار النعيم.

لم تكن الجريمة البشعة التي راحت ضحيتها الطفلة "زينب" بالجريمة العادية، ولقد طالبتٌ حينها بأن لا يكون التحقيق في تلك الجريمة عاديا. ولم تكن أيضا الجريمة التي راح ضحيتها الشاب "ولد برو" بالجريمة العادية، ولذلك فإن التحقيق في هذه الجريمة يجب أن لا يكون تحقيقا عاديا، ويجب أن لا يتوقف عند المسؤولية الجنائية المباشرة، وإنما يجب أن يمتد ليشمل كل الجهات الأخرى التي تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، وذلك باعتبار أنها كانت قد شاركت بشكل أو بآخر في ارتكاب هذه الجريمة البشعة.

فمن هم الشركاء في هذه الجريمة البشعة؟

الشريك الأول / وزير الداخلية:

على وزير الداخلية إذا كان غير قادر على توفير الأمن أن يستقيل أو أن يُقال، وعليه أن يعلم بأن توفير الأمن أولى من التجوال في الولايات الداخلية للحديث عن إنجازات مشكوك فيها. تحدث الوزير في زياراته عن الأمن، وذلك على الرغم من خروج المواطنين في أكثر من مقاطعة في احتجاجات ضد الانفلات الأمني.

تناقض عجيب بين الإنجازات التي يتحدثون عنها وواقع المواطنين.

ـ يتحدثون عن مصنع لتركيب الطائرات العسكرية، وذلك في وقت يحتفل فيه وزير خارجيتنا بتسلم مفاتيح خمس سيارات من سفير كوريا الجنوبية !!
ـ يتحدثون عن تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة وذلك في الوقت الذي يتواصل فيه انقطاعها عن العاصمة نواكشوط !!
ـ يتحدثون عن تصدير الفواكه إلى بريطانيا، وذلك في الوقت الذي نعيش فيه أزمة خضروات كلما تعطلت شاحنة محملة بالخضروات قادمة من المغرب !!
ـ يتحدثون عن مرضى يأتون من دول الجوار للعلاج في مستشفياتنا، وأفواج مرضانا يسافرون يوميا إلى تونس والمغرب والسنغال طلبا للعلاج وللدواء غير المزور !!

ـ يتحدثون عن الثورة التي تحققت في التعليم والمدارس تسقط سقوفها على رؤوس التلاميذ في العاصمة، أما في الولايات الداخلية فحدث ولا حرج !!

الشريك الثاني / مدير الأمن:

كثيرا ما سمعنا عن نشاطات مدير الأمن السياسية وعن انخراطه في حملات انتخابية، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه كل مدننا انفلاتا أمنيا غير مسبوق، ولقد وصل الأمر إلى أن أصبحت عمليات السطو على البنوك في ضحى النهار مجرد أخبار عادية.

تعاني الشرطة من نقص في الوسائل والإمكانيات، هذا فضلا عن توجيه الكثير من عناصرها إلى مهام تتعلق بقمع المحتجين السلميين، والتجسس على السياسيين، وذلك في الوقت الذي يترك فيه المجرمون يصولون ويجولون ويهددون المواطنين الأبرياء.

الشريك الثالث/ وزير العدل وعمال القطاع:

إن نسبة كبيرة من الجرائم التي تحدث في بلادنا هي جرائم يرتكبها في الغالب أصحاب سوابق كان من المفترض بهم أن يكونوا داخل السجن لحظة ارتكابهم لتلك الجرائم، وبطبيعة الحال فإن المسؤول الأول عن هذا الوضع الغريب والمختل هو القضاء. تحضرني الآن الكثير من الأمثلة على جرائم بشعة ارتكبها مجرمون كان يُفترض بهم أن يكون في السجن لحظة ارتكاب جرائمهم.

الشريك الرابع / المجتمع وقواه الحية:

إن الشريك الرابع في هذه الجريمة يتمثل في العلماء وخطباء الجمعة والسياسيين والصحفيين والمدونين، وكل من له تأثير في صناعة رأي عام . كل هؤلاء قصروا، ولم يمنحوا لغياب الأمن ما يستحق من اهتمام، فكثيرا ما ينشغل هؤلاء بقضايا أقل أهمية، وكاتب هذه السطور لا يبرئ نفسه.

لقد آن الأوان لأن نتحرك جميعا من أجل فرض الأمن في مدننا وقرانا...

حفظ الله موريتانيا..

محمد الأمين ولد الفاضل