التدشينات الصغيرة.. هل تُضعف رمزية الرئاسة؟

سبت, 27/12/2025 - 13:42

الراصد : عندما نتحدث عن رئيس الجمهورية، نتحدث عن رمز الدولة ووجهها الرسمي، عن صانع السياسات الكبرى ومسؤول توجيه المسار الوطني. لكن للأسف، في بعض المناسبات، تتحول صورة الرئاسة إلى مجرد حضور بروتوكولي لتدشينات صغيرة لا تمس حياة المواطن بشكل جوهري، أو مشاريع محلية محدودة الأثر. هذا النوع من الممارسات يطرح سؤالاً مهماً: هل تضيف هذه التدشينات الصغيرة قيمة حقيقية للسياسة الوطنية أم أنها تُضعف رمزية المنصب؟
التدشينات الصغيرة، بحد ذاتها، ليست خطأ. فالاهتمام بالمشاريع المحلية ووجود الرئيس بين المواطنين له دلالاته الرمزية والإيجابية. لكن المشكل يكمن في التكرار المفرط والتركيز على المشاريع الضيقة، بينما تنتظر البلاد قرارات استراتيجية كبرى في التعليم والصحة والاقتصاد والبنية التحتية. حضور الرئيس لافتتاح بئر أو مركز صحي صغير يترك انطباعاً بأن الدولة منشغلة بالجزئيات على حساب الرؤى الكبرى.
هذا الأسلوب، دون قصد، يضعف صورة المنصب ويحوّل رئيس الجمهورية من قائد ومرجع سياسي إلى شخصية بروتوكولية، متابع لتفاصيل صغيرة يمكن للسلطات المحلية تنفيذها. وبهذا، نفقد فرصة استثمار حضور الرئيس لتوجيه رسالة سياسية واضحة، أو لإطلاق مشاريع ذات أثر واسع تُشعر المواطن بالتغيير الفعلي في حياته اليومية.
الرئاسة يجب أن تكون منصة لإطلاق المبادرات الاستراتيجية، وللتواصل مع المواطنين بطريقة توضح أولويات الدولة الكبرى. التدشينات الصغيرة، إذا لم تُدرّس ضمن خطة متكاملة، تصبح صورة خارجية فقط، تستهلك الوقت والموارد، وتشتت الانتباه عن القضايا الحقيقية التي تنتظر معالجتها.
في النهاية، المواطن يقدر الحضور الشخصي للرئيس، لكنه يتوقع أن يكون ذلك ضمن خطة واضحة للأولويات الوطنية، وأن تظل الرئاسة رمزاً للقوة والتوجيه والرؤية المستقبلية، لا مجرد حفل افتتاح مشروع محدود الأثر. التوازن بين الرمزية والواقعية هو ما يجعل من حضور الرئيس حدثاً ذا قيمة، لا مجرد مناسبة بروتوكولية عابرة.

الإتحاد