
الراصد : أدانت محكمة الجنايات في باريس يوم الخميس الماضي الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بتهمة التآمر الجنائي في قضية اتُهم فيها بالحصول على تمويل غير قانوني من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لحملته الانتخابية عام 2007. وأصدرت حكما بسجنه لمدة 5 سنوات.
وفي المقابل، برأت المحكمة ساركوزي من جميع التهم الأخرى ومنها الفساد، وأوضحت رئيسة المحكمة ناتالي غافارينو أن الرئيس السابق أدين بتهمة التآمر الجنائي لأنه "سمح لكبار معاونيه بالتحرك من أجل الحصول على دعم مالي" من جانب النظام الليبي.
هذا الحكم القضائي لايمكن اعتباره فصلا عابرا في النظام القضائي الفرنسي وذلك للأسباب التالية:
أولا: أنه يضاف إلى إدانات سابقة، ففي عام 2011، حُكم على جاك شيراك -رئيس فرنسا بين عامي 1995 و2007- بالسجن عامين مع وقف التنفيذ بتهمة اختلاس أموال عامة وخيانة الأمانة والاستيلاء غير المشروع على فوائد في فضيحة التوظيف الوهمي لمجلس مدينة باريس، والتي تعود إلى أوائل التسعينيات عندما كان عمدة للعاصمة ورئيسا لحزب "التجمع من أجل الجمهورية".
وفي عهد ساركوزي، أدين رئيس الوزراء فرانسوا فيون بالسجن 4 سنوات مع وقف التنفيذ في مايو/أيار 2022 وغرامة قدرها 375 ألف يورو و10 سنوات من الحرمان من الأهلية القانونية بتهمة التوظيف الوهمي لزوجته بينيلوب، فضلا عن 5 سنوات من المنع من الترشح، واستأنف الحكم أمام محكمة النقض.
أما آلان جوبيه الذي شغل منصب رئيس الوزراء في عهد شيراك، فقد حُكم عليه في الاستئناف عام 2004 بالسجن 14 شهرا مع وقف التنفيذ، ومُنع من الترشح للانتخابات لمدة عام، وذلك لتورطه بشكل غير قانوني في فضيحة التوظيف الوهمي في مدينة باريس.
ثانيا: أن الحكم يكرس مبدئا دوليا لدى القضاء يتمثل في أن "الإفلات من العقاب لا يمكن أن يطال المسؤولين الكبار".
ثالثا: أن القضاء الفرنسي أخذ بعين الاعتبار خصوصية ساركوزي بوصفه رئيسا سابقا للجمهورية ووضعه الصحي أيضا، لأن العقوبة المنصوص عليها في القانون الجنائي هي السجن لمدة 10 سنوات، مما يعني أن المحكمة اعتمدت كل ظروف التخفيف عليه.
أحمد عبد الرحمن سيدن
محام سابق وقاض متخرج من المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء