موريتانيا تهاجر.. وأمريكا تستقبل!

أربعاء, 05/02/2025 - 07:04

الراصد : في موريتانيا فقط…

30 ألف شاب غادروا، كأن الأرض لفظتهم، لم يبقَ منهم إلا صور معلقة على جدران البيوت، ووعود بالعودة لا تتحقق.

كل أسرة ودّعت رجالها، لم يعد هناك من يطرق الأبواب ليلاً، لم يعد هناك من يجلس في المساء يحكي عن يومه. الأمهات يسهرن للبكاء بدل الانتظار، والنساء يحصنّ بيوتهن بالأقفال والكاميرات، لكن من يحمي الروح من وحشة الغياب؟

باعوا البيوت، رهنوا السيارات، استدانوا حتى آخر فلس، لم يبقَ إلا الديون تطرق الأبواب بدل الأبناء، والمكالمات الصوتية التي تعجز عن تعويض الأيدي الفارغة.

في الأسواق، لا صوت للمساومات، في الشوارع، لا ضحكات الشباب، في المجالس، لا حديث إلا عن من غادر ومن ينتظر دوره، وكأن الهجرة صارت القدر الوحيد المكتوب.

لم يعد هناك من يترك له أهله طعامًا حين يعود منتصف الليل، لم تعد هناك يد تربت على كتفه حين يشعر بالتعب. رحمكِ الله يا أمي، كم اهتممتِ بي أنتِ وأبي، حفظك الله يا أبي… أنا الآن أقدم اعتذاري من خلف جدار المكسيك، حيث أدركت متأخرًا كم كنتما رحيمين بي، وكم كنت أنا جاحدًا.

الحمد لله حرثنا فيهم الصلاة، لكن الأرض التي كبروا عليها لم تتسع لهم، فاختاروا الغياب. بلاد كاملة تهجر نفسها، تُفرغ قلوبها من الحياة، وتودع أبناءها بلا أمل في اللقاء.

من ص/ صالون نواكشوط