ظهور الانتحار في مجتمعنا: صرخة يأس أم انعكاس لأزمة أعمق؟. 

سبت, 07/09/2024 - 15:43

الراصد : في مجتمعنا الموريتاني، الذي طالما عرف بثباته على القيم الإسلامية المتينة، تُطل علينا ظاهرة الانتحار كضيف غريب، غير مرحب به..
تساؤلات كثيرة تطرح نفسها أمام هذا المنعطف الخطير: كيف ولماذا ظهرت هذه الظاهرة في مجتمع كان يفاخر دومًا بتماسكه الاجتماعي والديني؟..
وكيف أصبح الشباب، كلما واجهوا تحديات مادية أو اجتماعية، يهددون بالانتحار أو يلجؤون إليه؟. 
هذه التساؤلات تجبرنا على التعمق في جذور المشكلة، بعيدًا عن سطحية المعالجة والبحث عن حلول آنية.

فلا شك أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي قد لعب دورًا بارزًا في انتشار هذا السلوك بين الشباب، حيث باتت تلك المنصات نوافذ مفتوحة على عالم مليء بالإحباطات والأزمات الشخصية.

فاليوم، نشاهد ونقرأ يوميًا عن مراهقين يعلنون عن رغبتهم في إنهاء حياتهم أمام الملايين، وكأن هذه المشكلة باتت مشهدًا يوميًا يتكرر دون رد فعل مجتمعي حازم..!! 

ولكن..
هل نلوم السوشيال ميديا وحدها؟..
أم أن الأمر أعمق من ذلك؟.
هناك من يعزو انتشار هذه الظاهرة إلى تفشي الفساد الحكومي، والظلم الاجتماعي، والشعور بالغبن الذي يخنق طموحات الشباب.

حيث يعيش الشباب في مجتمع يرى فيه البعض أن العدالة بعيدة، وأن الفرص الحقيقية تكاد تكون منعدمة،.. وفي ظل هذه الظروف، تتعمق مشاعر الإحباط واليأس.

ومن ناحية أخرى، نجد أن بعض المحاولات لمعالجة هذه الظاهرة قد تكون، في الحقيقة، تزيد الطين بلة.. 
فهل جمع التبرعات لكل من أعلن عن نيته في الانتحار حلًا حقيقيًا؟..
أم أنه تشجيع مبطن، يفتح الباب أمام المزيد من الحالات التي ترى في ذلك مخرجًا ماديًا؟..
وهل يمكن للصمت الحكومي المستمر تجاه هذه الظاهرة أن يكون نوعًا من التأييد الضمني، أو على الأقل إشارة إلى غياب الحلول الفعلية؟. 

إن ما نحتاجه اليوم، ليس مجرد تبرعات أو مبادرات متفرقة، بل وعي شامل بخطورة الموقف..
علينا أن نعيد بناء منظومة الأمل، وأن نوفر للشباب فرصًا حقيقية لتحقيق ذواتهم، بعيدًا عن اليأس الذي يدفعهم إلى حافة الهاوية.

 الحكومة، المجتمع المدني، رجال الأعمال، والمؤسسات الدينية والتعليمية والتربوية، جميعهم مطالبون باتخاذ خطوات جادة لعلاج هذه الظاهرة، قبل أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا اليومية.

ويبقى السؤال الأهم: هل نملك الشجاعة الكافية لمواجهة الحقيقة المؤلمة ومعالجة الجذور العميقة لهذه الظاهرة؟..
أم أننا سنظل نتأرجح بين التجاهل وردود الفعل المؤقتة؟.

-سيدي عثمان ولد صيكه