الراصد: لليوم التاسع على التوالي، يعم الزحام الطابق الأرضي لوزارة الصحة بأطباء مقيمين من مختلف التخصصات والأجناس، حيث يفترشون الأرض ويلتحفون ستراتهم البيضاء، في محاولة للضغط على الوزارة للاستجابة لمطالبهم التي يعتبرونها مشروعة وضرورية.
وفي الطابق الثالث، بالقرب من مكتب وزيرة الصحة، اتخذ أعضاء المكتب التنفيذي لنقابة الأطباء المقيمين قرارًا بالدخول في إضراب مفتوح ابتداءً من يوم الإثنين الماضي، كرد فعل على ما يرونه تجاهلًا من قبل الوزارة لمطالبهم، ومماطلة تهدف إلى كسب الوقت.
يؤكد المضربون عن الطعام أنهم لن ينهوا الاعتصام والإضراب عن الطعام حتى تُعلن وزارة الصحة عن حلول تلبي مطالبهم.
لماذا الاعتصام؟
يرفع الأطباء المقيمون مطالب خدمية وأخرى أكاديمية، تشمل الأولى ي الاكتتاب في الوظيفة العمومية، وتوفير الضمان الصحي CNAM، وزيادة الراتب الشهري في فترة التكوين ليكون مساويا لراتب الطبيب العام.
كما تشمل توفير علاوة الخطر والسكن وزيادة علاوة المداومة لتصل إلى 2000 أوقية جديدة على الأقل، وتمديد فترة المنحة المالية خلال سنة التخرج بستة أشهر لتمكين الطبيب المقيم من استكمال رسالة التخرج في الوقت الكافي.
أما المطالب الأكاديمية فيتصدرها اكتتاب العدد الكافي من الأساتذة الاستشفائيين والأساتذة المساعدين لتأطير المقيمين، وتنظيم واستحداث برامج خاصة بالدبلومات الجامعية DU في جميع التخصصات.
كما تشمل استحداث مقعد خاص بممثل الأطباء المقيمين في المجلس التربوي والعلمي للكلية، إصدار مرسوم من عمادة الكلية يلزم المصالح الاستشفائية بمنح الطبيب المقيم الحق في عطلة سنوية تصل إلى 30 يومًا وعطلة أمومية تصل إلى 90 يومًا.
ويقول الأطباء المقيمون إنهم اضطروا إلى الاعتصام بعد خطوات تصعيدية سابقة، مؤكدين أنهم أودعوا إشعارًا لدى مصالح المستشفيات والجهات المعنية قبل 45 يومًا ليدخلوا في إضراب جزئي ووقفات احتجاجية سلمية.
ويضيف المقيمون، أنهم لجأوا بعد «القمع والتجاهل» للإضراب الشامل الذي يشمل الامتناع عن معالجة الحالات المستعجلة ثم الدخول في إضراب مفتوح بمباني وزارة الصحة ليتطور إلى إضراب عن الطعام.
سياسة الصمود
يؤكد أعضاء المكتب التنفيذي لنقابة الأطباء المقيمين، المضربون عن الطعام، أنهم يستخدمون سياسة الصمود في ظل تجاهل وزارة الصحة لمطالبهم الأساسية وغير التعجيزية.
ويقول عضو المكتب التنفيذي، مماه ولد اباه اسويدي، إنه لو توقفت الخلايا الدماغية للمضربين عن الطعام لأوجدوا طريقة لاستعادة نشاطها ثم عادوا للاعتصام من جديد حتى تحقيق مطالبهم.
وجدد ولد اسويدي، إصرار النقابة على مواصلة الاعتصام في جميع الظروف وتحت جميع الإكراهات والمضايقات التي يتعرض لها المعتصمون.
تدهور صحي
الطبيبة المقيمة فاطمة الرّاجل، عبرت عن قلقها إزاء بواكير التعب وأعراض نقص السكر في الدم التي بدأت تظهر على المضربين عن الطعام منذ يومين، دون تعليق أو تجاوب من الجهات المعنية.
وعبرت بنت الراجل عن مرحلة اليأس التي وصلوا لها، مشيرة إلى أنهم أصبحوا ينظرون إلى أنفسهم وكأنهم غرباء في بلدهم الذي تعلموا من أجل خدمته.
وأدى التدهور الصحي للدكتور عمار توري نتيجة إضرابه عن الطعام، إلى نقله للمستشفى بعد ما وصف بأنه نتيجة لإضرابه عن الطعام.
نقابات تتضامن
وعبرت عدة نقابات صحية وطلابية عن تضامنها مع نقابة الأطباء المقيمين، ونددت في تصريحات لوكالة الأخبار المستقلة، على هامش وقفة احتجاجية، صباح اليوم الثلاثاء، في مكان الاعتصام، بتجاهل وزارة الصحة لمطالب نقابة الأطباء المقيمين وانتهاج التسويف والمماطلة ضدهم.
وقالت الأمينة العامة للنقابة الموريتانية للقابلات، إن إجبار هؤلاء على الإضراب عن الطعام من أجل تحقيق مطالب أساسية لأي مقيم "فضيحة سجلها التاريخ على الدولة الموريتانية وعلى وزارة الصحة بصفة خاصة".
ودعت بنت محمد عالي، جميع النقابات والفاعلين، إلى الوقوف بحزم والتصدي لما وصفته بالظلم الذي يتعرض له الأطباء المقيمون، "في ظل سعي الدولة إلى الامتناع عن تحقيق مطالب وحقوق مشروعة لخيرة شباب الوطن".
وشددت بنت محمد عالي، على أن مطالب الأطباء المقيمين ليست تعجيزية وهي أبسط مطالب يمكن أن يطالبوا بها، "ومن أبسط ما يمكن تقديمه لهم هو الجلوس معهم على طاولة الحوار".
بدوره رئيس النقابة الموريتانية للفنيين السامين للصحة، حمزة ماماه قال إن الوزارة، ألجأت الأطباء المقيمين لما وصفها بأصعب الأوراق النضالية، مؤكدا أنهم يدخلون يومهم الثاني في الإضراب عن الطعام ويومهم التاسع في الاعتصام المفتوح.
وأضاف ولد ماماه، أن هذه المظاهر لا تنم عن تعاون الوزارة ولا عن تعاطيها مع العمال، معتبرا أن ذلك غير مقبول "وستستخدم النقابات ضده جميع حقوقها النضالية التي يكفل لها القانون".
ودعا ولد ماماه، وزارة الصحة إلى منح الأطباء المقيمين حقوقهم بالتفاوض، "قبل أن تحتاج إلى منحها رغما عن أنفها"، مشددا على أن الحقوق تنتزع ولا تعطى.
أما الأمين العام للاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا، محمد يحي المصطفى، فقد أكد على ضرورة الإسراع في تحقيق مطالب الأطباء المقيمين والجلوس معهم على طاولة الحوار.
وأضاف ولد المصطفى، أن الاعتصام يشارك مقيمون في مختلف التخصصات التي تحتاج المستشفيات وجودهم فيها بشكل دائم.
ودعا ولد المصطفى، إلى توفير الظروف المناسبة التي يحتاجها الطبيب المقيم من أجل القيام بواجباته، مؤكدا على مشروعية مطالب المعتصمين وضرورة توفيرها.