الراصد: قد يصاب القارئ الواعي بالصدمة والحيرة عند قراءة هذا العنوان لأنه لن يكون في مخيلته على الإطلاق أن يصادف مثل هذا السؤال.
ثلاثة ارباع مساحة وعيه الحضاري تحتها خريطة الوعي المدني الذي تشبع به منذ نعومة اظافره.
بدأ التحضير له كابن صالح من الأسرة التي طبعته بالخلق القويم وحصنته من الشذوذ ونما ذلك التوجه في المدرسة التي جعلت منه مواطنا صالحا من خلال المنهج التربوي والتعليمي الذي هو مقرر في المناهج التي تدرس للنشئ. ويتواصل هذا المسار ليصل مرحلة نضجه في مراحل التعليم العالي.
بالنظر إلى هذا المسار وهو المسار الطبيعي ليس لسؤال يستدعي الإخلاص للوطن من مبرر ؛ غير أن المحير في زماننا هذا، والأمر واقع معيش، أننا مازلنا نقف عند إشكالية المواطنة ونستدعيها في ضمائرنا وفي ما نقوم به من أفعال لا تمت إلى الإخلاص للوطن بأية صلة.
نحن هنا لا نتهم أحدا بالشذوذ عن مسالك المواطنة لحد الوقوع في دائرة الخيانة، وإنما نرصد واقعا لم يعد يخفى على أحد من خلال عديد التصرفات المطبوعة بالنشاز عن جادة السلوك السوي تجاه الوطن.
المواطنة إذا هي الشعور المتأصل في الروح الذي بموجبه نصون ذلك المشترك العام الذي هو وطننا جميعا و الذي نلجأ إليه فيؤوينا ويوفر لنا الدفء والحنان حين نكون بحاجة إلى ذلك، و هي كذاك الملجأ والمستقر الذي لا بديل عنه لنعيش في أمان وطمأنينة.
هي في المحصلة الضمير الحي والوعي الذي يقف في وجه المآمرات التي تحاك ضد بلده بحيوية واندفاع حين يكون البلد في خطر ليدافع عنه بالغالي والنفيس، هي التلبية بأجل حين النداء.
نحن اليوم بحاجة إلى مراجعة أنفسنا اولا في المنطلق أي مع مرحلة الأسرة لكي يقوم الاب والام بواجباتهما في الإعداد القاعدي ثم مراجعة المناهج التربوية لكي ندرج تعليما قادرا على خلق مواطن إيجابي. ثم وهذا ربما ضرورة اليوم في وجه غياب تام للمواطنة لدى الكثيرين منا فرض الخدمة العسكرية الإجباري حتى يتكون المواطن تكوينا قاعديا يخرج منه منضبطا في سلوكه في أخلاصه لعمله في الاستعداد لتقديم روحه رخيصة في ساحات الشرف دفاعا عن الوطن، إننا بحاجة إلى مراجعة كل هذه المنظومة لكي نبني مواطنا صالحا يصلح أن يحقق المعجزات التي يحتاجها هذا الوطن .