"الصحافة والصراع: صوت الحق ضد التكميم"

سبت, 27/01/2024 - 17:32

الراصد : في دولة تغمرها أزمات الهوية والقيم، تختبئ تحت واجهة التقدم تحديات خطيرة.. يتسلل أشخاص غرباء على عالم المال، يستخدمون الأموال كسلاح لتضليل الرأي العام وتكميم أصوات الصحافة.

*التساؤلات الحادة:
تثير هذه اللحظة الحاسمة أسئلة مستفزة حول من يحق لهم أن ينقشوا ملامح المجتمع ويوجهوا النقد بطريقة تكون عادلة ومتوازنة.
يعتبر كثيرون مصدر ثروات هؤلاء الأفراد جدول أعمال مهم، حيث يتساءلون عن مدى شرعية هذه الثروات والسبل التي استُخدمت لإدخالها...يندرج سؤال كبير حول مرور هذه الثروات في إطار القوانين واللوائح، وهل قام أصحابها بتسديد الضرائب المستحقة عليها، تلك الضرائب التي ينبغي دفعها للخزينة العامة لضمان التوازن والعدالة المالية.

*تمويه بالخير:
في محاولة محكمة لتحسين صورتهم وتعديل النظرة العامة حول ثرواتهم، يلجأ هؤلاء الأفراد إلى استراتيجية متقنة تتضمن الترويج لأعمال خيرية وشراء الذمم الإعلامية...يعتمدون على إبراز جوانب إنسانية وخيرية من شخصياتهم بهدف استحضار التعاطف والاستعطاف من الرأي العام. 
ورغم أن هذا التمويه قد يبدو فعالًا في تحقيق أهدافهم المخفية، الا أنه يطرح السؤال الحيوي حول ما إذا كانت هذه الاستراتيجية المتبعة ستظل قائمة ومستدامة على المدى الطويل..؟
هل يمكن للجمهور أن يميز بين الجوانب الإنسانية الحقيقية ورغبة المتموِّهين في إخفاء حقيقة مصادر ثرواتهم..؟ 
وهل يمكن لهؤلاء المؤثرين الماليين المستعطفين الاستمرار في تضليل الرأي العام بمظهر الخير، أم أن الحقيقة ستظهر أخيرًا لتكشف عن تناقضات ومفاجآت وراء الستار..؟

*تحديات الضمائر الحية:

تتجلى أمام أصحاب الضمائر الحية تحديات شديدة تكمن في معارضة قوية ومقاومة حادة تستهدف جهودهم.
 يشكل التصدي للحقائق وتشكيل النقد البناء تحديًا مؤسفًا في ظل تصاعد الضغوط على الصحافة والتلاعب بالحقائق... حيث يواجه هؤلاء الأفراد الملتزمون بالأخلاق والنزاهة المهنية تحديات جسيمة حين يُلقى بظلال الشك والتشكيك على جهودهم الرامية لتسليط الضوء على الحقائق وإلقائه على المظلمة المظلمة.

تعتبر الضغوط الشديدة الممارسة على الأفراد ذوي الضمائر الحية تصعيدًا مثيرًا للقلق، إذ يتم اللجوء في بعض الحالات إلى جر الصحافة الى القضاء واستخدام آليات التلاعب بالحقائق للضغط على هؤلاء الناشطين والصحفيين الأحرار. 
ينذر هذا المشهد بتدهور حرية التعبير ويمثل تحديًا كبيرًا لممارسة الصحافة الحرة والنزيهة.
 يطرح هذا السياق تساؤلات حول مستقبل النقد والصحافة الحرة في وقت يعتمد فيه الجمهور على هذه الضمائر الحية لتقديم المعلومات بشكل صادق وموضوعي.

*الصمت المحبط:

في ظل تفاعل المجتمع مع الأحداث الحالية، يظهر صمت ملحوظ يلقي بظلاله على المستقبل...القلق ينبثق من تساؤلات عديدة حول مدى استمرار انتشار تلك الظواهر دون تدخل فعّال.
 هل يُظل هذا الصمت مستمرا طاغيا على المشهد الاجتماعي والسياسي..؟ 
وهل سيؤدي هذا الهدوء إلى عدم القدرة أو الاستعداد للتحرك والتدخل في وجه التحديات الراهنة..؟ 

إن القلق يكمن في احتمالية أن يكون هذا الصمت علامة على فقدان الإرادة الجماعية للتصدي للتحديات أو ربما يكون ناتجًا عن عدم وجود بيئة تشجع على التعبير والمشاركة الفعّالة. 
يتعين على المجتمع التأمل في هذا الصمت وتحفيز نقاش عام يعزز التفاعل والتحرك للتصدي للتحديات المستمرة.

*ضمير مكموم:

تطرح هذه التساؤلات العميقة قضية أكثر تعقيدًا، حيث تشير إلى خطر محتمل يُهدد ضمير المجتمع بأكمله. 
هل نحن على وشك فقدان القدرة على الإحساس بالصوت الحقيقي، وهل أصبحنا ضحايا للهمس المزيف الذي يُلبس علينا الأصوات الحقيقية..؟ 
وهل يمكن للتداول الواسع للمعلومات المضللة في وسائط التواصل الإجتماعي أن يؤثر على وصول الحقيقة إلى الرأي العام..؟ 

*نداء للاستفاقة:

يتوجب علينا، في هذه الظروف، أن نتحدى الصمت ونستعيد قوتنا الجماعية لنطلق نداءً للاستفاقة...إنه ليس وقتًا للبقاء صامتين، بل هو لحظة حاسمة تستوجب منا أن نستعيد نشاط ضمائرنا الحية. 
يحث هذا النداء على الوقوف في وجه التحديات، وذلك ليس فقط للمطالبة بالحقيقة، بل لاستعادة أساسيات الحياة الديمقراطية، بما في ذلك حرية الصحافة والتعبير. 
ويتطلب أيضا توحيد الأصوات قبل فوات الأوان، من أجل ضمان أن لا يصبح الصمت خيارًا مقبولًا في وجه التحديات الراهنة. 
هو نداءٌ لاستعادة قوة الضمائر وثباتها في مواجهة الظروف التي قد تهدد أسس الحرية والعدالة.

*مستقبل الحرية:

تراوحت أفكار العديد حول مستقبل الحرية بين التشاؤم والأمل، حيث يتساءل الكثيرون عما إذا كانت تلك الظواهر القائمة على الطغيان والتجبر ستظل سيدة الموقف، أم أن الدولة ستتجاوب مع نداء الضمائر الحية وتتخذ إجراءات لحماية حقوق المواطنين وحرية الصحافة.
 السؤال الذي يطرح نفسه هو إلى أي مدى يمكن للدولة أن تكون على مستوى تلك التحديات والتصدي لها بشكل جاد..؟ 

ختاما هل تستطيع الصحافة أن تعيد تعريف نفسها لتلبي التحديات الجديدة وتحافظ على دورها كركيزة أساسية في نظام ديمقراطي يعتمد على مبادئ الحرية وحقوق الإنسان؟ 
هذا هو سياق البحث المستقبلي الذي يتسم بالتفاؤل والشك حيال تطورات المستقبل.

-سيدي عثمان محمد صيكه