محكمة الحسابات ترصد «سوء الإدارة» و«اللجوء المفرط» لصفقات التفاهم بمفوضية الأمن الغذائي

سبت, 28/10/2023 - 21:07

الراصد: رصد تقرير محكمة الحسابات لسنوات 2019 و2020 و2021 عدة ملاحظات على تسيير مفوضية الأمن الغذائي، شملت تعطيل التدقيق والرقابة الداخلية وسوء إدارة المخزون والأصول الثابتة وأسطول الشاحنات.

كما تحدث التقرير عن «اللجوء المفرط» إلى صفقات التفاهم المباشر دون مراقبة الأسعار، واكتتاب مجموعة من الموظفين أغلبهم لا يقدمون أي خدمة، إضافة إلى دعم مهرجانات ومنظمات غير حكومية.

تعطيل التدقيق وسوء إدارة المخزون

وفق تقرير محكمة الحسابات فإن ظيفة التدقيق الداخلي بمفوضية الأمن الغذائي كانت شبه معطلة في 2018، معتبرا أن ضعف نظام الرقابة الداخلية يرجع إلى عدم تطبيق دليل الإجراءات وتحديثه.

كما لفت التقرير إلى سوء إدارة المخزون، وعدم وجود برنامج معلوماتي يسمح بمراقبته بشكل محدد ودقيق، وعدم وجود بطاقة مخزون لكل عنصر، وعدم تسجيل الوارد والصادر بصفة شاملة.

وأكد ملاحظة وجود مخزون تالف قدره 432,9 طنا من مختلف المنتجات غير الصالحة للاستهلاك، معتبرا أنه وضع غير مقبول ويعكس إهمالا في حماية الممتلكات العامة وأنه أدى إلى خسارة المفوضية أكثر من 37 مليون أوقية.

وعدد التقرير من بين مظاهر سوء الإدارة قلة عدد العاملين بالمخازن مقارنة بعددها، وتراكم المنتجات في المخازن بطريقة فوضوية بدلا من ترتيبها وتصفيفها في أكوام متجانسة، واصفا أرشفة قوائم التسليم بأنها سيئة.

وجاء في تقرير محكمة الحسابات أن عدم وجود كاميرات مراقبة في المخازن يجعل تتبع المخزون والتحكم فيه شبه مستحيل ويشجع محاولات الغش.

وفي ردودها قالت المفوضة إنه يمكن الحصول على تحديث لبرنامج معلوماتي بتمويل خارجي، فيما علقت على بطاقات المخزون بأن الموظفين ليسوا مدربين بشكل كاف للتعامل معها.

وقالت المفوضة إن تركيب كاميرات المراقبة إجراء جديد، إلا أن غيابه لا ينبغي أن يوحي بالإهمال بالضرورة، وفق ما نقل عنها تقرير محكمة الحسابات.

اكتتاب مباشر وموظفون دون خدمة

ويضيف تقرير محكمة الحسابات إن فحص ملفات الأشخاص كشف عن اكتتاب مباشر دون المرور بالطرق التنظيمية، مما يشكل مخالفة للمادة 395 من قانون الشغل.

ويشغل هؤلاء الموظفون الجدد وظائف: مكلف بمهمة، إطار، رئيس قسم، أمين مخزن، سائق، مؤكدا أن معظم المعنيين لا يقدمون أي خدمة للمفوضية.

ويوضح التقرير أن المكتتبين يتلقون راتبا شهريا صافيا يتجاوز خمسة ملايين أوقية، وأن قيمته الإجمالية خلال فترة المراقبة تتجاوز 122 مليون أوقية قديمة.

وجاء في تقرير محكمة الحسابات أن مفوضة الأمن الغذائي لم ترد على هذه الملاحظة المتعلقة بهذا الاكتتاب.

دعم مهرجانات ومنظمات

وتحدث تقرير محكمة الحسابات عن منح غير مبرر، حيث لوحظ توزيع 42,45 طنا من المواد الغذائية بقيمة تتجاوز 7,9 مليونا لصالح مهرجانات عين فربة وتامورت النعاج والسلام وتكوبك، بالإضافة إلى مناسبات أخرى من بينها «زيارة مشايخ».

وعلق تقرير محكمة الحسابات بالقول إن توزيع هذه المواد في المناسبات المذكورة أعلاه لا يدخل ضمن مهام المفوضية المحددة في المادة 2 من مرسوم إنشائها.

كما تحدث التقرير عن توزيع مجامل لمواد غذائية على جمعيات ومنظمات غير حكومية، بلغت قيمته الإجمالية 64,46 مليون أوقية قديمة، لافتا إلى أن المفوضية لا تطلب تقريرا من المنظمات أو الجمعيات حول توزيع هذه المواد على المستفيدين.

وفي ردودها قالت المفوضة إن المفوضية أنشأت لجنة تدخل استثنائية مسؤولة عن تقديم مقترحات لمساعدة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، فيما أكد التقرير أنها لم تقدم الوثائق التي تثبت استخدام العطايا من طرف المستفيدين النهائيين.

18 شاحنة حديثة متعطلة

وجاء في تقرير محكمة الحسابات أن 18 شاحنة بسعة 50 طنا أصبحت ما بين هياكل فارغة أو في حالة عطب بشكل دائم رغم مصاريف الصيانة الكبيرة التي وصلت إلى 119 مليونا في 2019 و85 مليونا في 2018.

وأوضح التقرير أن الشاحنات المتعطلة من أصل 41 شاحنة هي مجموع أسطول المفوضية، وأنها من نوع HOWO ومقتناة في الفترة ما بين 2011 و2012، ما يجعلها حديثة نسبيا ومع ذلك أصبحت خارج الخدمة.

ويضيف أن افتقار المفوضية إلى محاسبة على مستوى مستودع تخزين قطع الغيار يجعل من المستحيل مراقبة استخدام أسطول السيارات والتحكم فيه.

ونقل التقرير عن مدير النقل في المفوضية قوله إن تواريخ الاقتناء ليست معيارا مهما من حيث الاستدامة، إلا إذا أخذ في الاعتبار تنفيذ الخدمة والصيانة بانتظام وفي الوقت وبالشكل اللذين يحددهما المصنع في دليل الاستخدام.

وضمن ملاحظاته أورد تقرير محكمة الحسابات أنه لوحظ غياب جرد مادي شامل للأصول الثابتة خلال الفترة المراقبة مما يشكل مخالفة للمادة 19 من المرسوم المنشئ للمفوضية والقانون المتعلق بالمخطط المحاسبي الموريتاني.

«لجوء مفرط» لصفقات التفاهم

وكشفت محكمة الحسابات عن «لجوء مفرط» من قبل مفوضية الأمن الغذائي إلى صفقات التفاهم المباشر دون مراقبة الأسعار.

وجاء في التقرير أنه تم الاستخدام شبه المنهجي للتفاهم المباشر، وأن  75% من مجموع صفقات المفوضية في 2018 تمت بالتفاهم المباشر بقيمة 10.4 مليار، و60% من صفقات 2019 بالتفاهم المباشر وقيمتها تتجاوز 13 مليارا.

وأوضحت المفوضية أن جميع هذه الصفقات منحت بشكل يخالف أحكم المادة 23 من مدونة الصفقات العمومية المتعلقة بمراقبة أسعار عقود التفاهم المباشر.

ونقل التقرير عن مفوضة الأمن الغذائية قولها إن الاتهام باللجوء إلى التفاهم المباشر لا يمكن أن يوجه إلى المفوضية التي لا يمكنها في الحالات الظرفية والمؤقتة سوى دعم السلطات العامة في تحقيق الأهداف الاجتماعية المتوقعة من برامجها.

وتضمنت التوصيات الصادرة عن التقرير «الكف عن اللجوء بشكل مفرط» إلى التفاهم المباشر، واحترام كافة الشروط المتعلقة بالصفقات العمومية خاصة ما يتعلق منها بمراقبة الأسعار في حالة اللجوء إلى التفاهم المباشر.