الراصد: كانت معركة حطين بقيادة القائد الكبير صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى بداية سجل خالد سطر المسلمون فيه انتصارات مشهودة أزاحت كلكل “الصلبيين ” عن القدس وعن بيت المقدس بعد عقود من احتلاله من قبل أكبر جيش صليبي، واجهته الأمة، وكان للهبة الكبرى التي شارك فيها أبناء العالم الإسلامي دورها البارز في هزيمة العدو الصليبي، وشكل منعطفا بارزا في تاريخ الصراع بين المسلمين و الصليبين في الأرض التي بارك الله حولها، وكان ذلك إيذانا بفجر يوم أعز الله فيه جنده ونصر عباده، وهزم الأحزاب وحده، حيث تمكن جيس المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي من تحرير المسجد الأقصى وتطهيره من أدران العدو الصليبي، وانتهت بذلك مأساة عقود من الظلم والاحتلال.
لقد كان لعزيمة القائد ولاتحاد كلمة المسلمين وللإيمان بأهمية بيت المقدس ووجوب الدفاع عنه دوره الجلي في ذلك الانتصار الساحق والتاريخي الذي أعاد للمسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
إننا ونحن نعيش ذكرى الثاني من أكتوبر نتذكر ذلك الماضي الزاهي والزاهر، ونرجع البصر كرتين ونحن نستعيد ذلك المجد الغابر، ونردده بكل فخر واعتزاز، ولكن ذلك الاعتزاز مترع بالحسرة والألم ونحن نشاهد بيت المقدس وهو يرزح تحت الاحتلال الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم الإسلامي كله، وما جد في ذلك من تطورات مثيرة تتمثل في الإخلاء الكامل للمسجد الأقصى في خطوة استفزاز وتحد تنم عن غطرسة العدو وتسلطه واستخدامه شتى الوسائل بما فيها الاقتحامات المتكررة من قبل قطعان الصهاينة تحت حماية جيش الاحتلال، وعمل الصهاينة بشكل صارخ وفج على فرض التقسيم الزماني والمكاني الذي أصبح جزءا من استراتيجية الاحتلال في سعيه لبسط السيطرة والنفوذ على المسجد الأقصى، ولا تزال الأخبار تطالعنا يوميا بعمليات التعذيب والتنكيل والاغتيالات التي يتعرض لها الفلسطينيون وهم يسجلون أروع قصص المقاومة والجهاد دفاعا عن الأرض والعرض.
إن تذكر تلك الانتصارات الكبيرة وإعادة قراءتها واستحضارمسار أولئك القادة الأفذاذ يمنح من “الأمل” في تحرير الأقصى” ما يوازي “الألم” الذي تتجرعه الأمة في هذه الفترة بفعل جرائم الاحتلال، فهو يشكل سانحة لاستنهاض همم قادة الأمة والخيرين من أبنائها لشد الأحزمة والإيمان بأن الانتصار على العدو الصهيوني ليس مستحيلا، وأن نظرية الجيش الذي لا يقهر أثبتت الأيام والوقائع على الأرض زيفها وبعدها عن الحقيقة.
لقد أبانت المقاومة الفلسطينية وهي تواجه بأسلحة متواضعة أحد أقوى الجيوش في العالم أن إرادة الانتصار أقوى من محاولة تثبيت الاحتلال، وأن إزاحة كابوس الاحتلال ليس مناط الثريا ولا تبويل أسود، فواجب الأمة اليوم بمختلف قواها مؤازرة المقاومة الفلسطينية والوقوف مع الشعب الفلسطيني حتى نصبح ذات يوم وقد بشرتنا قابلة أن سيدة أنجبت ” صلاح الدين” وأن عقود الاحتلال قد ولت:
فغدا ستورق بالشهادة قدسنا… وسيرحل التنين وهو يساق
وسينبت الزيتون لحظة فجرنا .. متبسما فيضمه المشتاق
ويصافح الأقصى نقاء سجودنا… آن الصلاة ويحمد الخلاق