الراصد : منع الأمن العام اللبناني الإعلامية الكويتية، فجر السعيد، من دخول البلاد بعد وصولها إلى مطار رفيق الحريري الدولي أمس الأربعاء لإجراء مقابلة تلفزيونية، وبعد انتظار دام ساعات ومحاولات من قبل مسؤولين لحلّ الأمر، عادت السعيد أدراجها إلى بلدها صباح اليوم.
شرحت السعيد خلال فيديو بثته على صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنها وصلت إلى مطار بيروت عند الساعة السابعة والنصف مساء، وبعد انتظار دام حوالي ثلاث ساعات في الزحام، تفاجأت حين حان دورها لختم جواز سفرها بطلب العنصر الأمني منها دخول مكتب الأمن العام، ليبلغها بعد ساعتين أنها ممنوعة من دخول لبنان أبدياً.
وأشارت السعيد إلى أنّها لم تستطع التواصل مع سفارة بلدها بداية بسبب انقطاع شبكة الإنترنت، كما لم يسمح لها الانتظار في صالة الانتظار الخاصة بدرجة رجال الأعمال حتى يحين موعد الرحلة صباح اليوم.
وأكدت الإعلامية الكويتية أن الموضوع "سياسي بحت" بسبب آرائها، قائلة "لم ارتكب جريمة. الجهة التي تمنع دخولي لا تتحمل الرأي الآخر، لكن هل يعتقد أن من يمنعني من دخول لبنان سيمنع صوتي من الوصول إلى اللبنانيين"، مشددة "لكل دولة الحرية بإدخال ومنع من تريد إلى أراضيها، ونحن أحرار فيما نقول ونحب ونعتقد ونرى".
و تداولت معلومات صحفية لبنانية أن السفارة الكويتية لدى بيروت "أُبلغت بطريقة غير رسمية بقرار منع مواطنتها من دخول لبنان، الأمر الذي استدعى توجّه القائم بالأعمال الكويتي ليلاً إلى المطار على رأس وفد من السفارة، وعرض اصطحاب السعيد إلى السفارة ريثما يتمّ توضيح الأمر، إلاّ أنّ جهاز الأمن العام، الذي بقي مديره العام بالإنابة العميد إلياس البيسري غائباً عن السمع، رفض ذلك".
كما أشارت المعلومات إلى أن "اتصالات أجريت بوزيرَي الإعلام والداخلية للوقوف على ما حصل، ولكن من دون جدوى. علماً بأنّ الوزيرين تابعا القضية على نحو حثيث، وبذلا جهداً استثنائياً".
دائرة الاتهام
خلال احتجازها في المطار، نشرت السعيد تغريدة توجهت من خلالها إلى الإعلامي اللبناني رودولف هلال، جاء فيها "أستاذ رودولف سألتني بالحلقة بأن حزب الله ديمقراطي ورغم هجومي عليه سمح بدخولي لبنان مهووووووووو؟!!!! اممممممممممم أنا محجوزة بمطار لبنان من الساعة سبع ونص حتى الآن أنتظر أي طياره تعيدني الى بلدي لإن ممنوع دخولي بنان الجماعة طلعوا حساسين".
و سبق أن ظهرت السعيد في برنامج "المجهول" الذي يقدمه هلال، مؤكدة تأييدها التطبيع مع إسرائيل، وأنه سبق أن زارت الأراضي الإسرائيلية، ما دفع مقدّم البرنامج إلى سؤالها عن كيفية السماح لها بدخول الأراضي اللبنانية كون قانون البلاد يمنع ذلك، فأوضحت عدم ختم السلطات الإسرائيلية لجواز سفرها، لذلك رد البعض منع دخولها الأراضي اللبنانية لما أدلت به خلال هذه المقابلة.
كما أعادت الإعلامية الكويتية نشر تغريدة للصحفي, طوني بولس، بعنوان من يحكم المطار؟ حيث كتب "تصرف خطير قام به الأمن العام اللبناني في مطار بيروت، عبر منع الإعلامية الكويتية فجر السعيد من الدخول إلى البلاد والتحقيق معها لمدة 5 ساعات" مضيفاً "بحسب المعلومات فإن المدير العام السابق للأمن العام عباس إبراهيم، كان قد أصدر في وقت سابق مذكرة تطويع بحق السعيد على خلفية مواقفها المناهضة لـ "حزب الله".
و
تساءل بولس "هل بات الاعتراض على ممارسات حزب الله جرماً قانونياً في لبنان؟ اللعبة باتت مكشوفة، حزب الله يرد من خلال المؤسسات على دول الخليج، بعد توقيف مجموعة من اللبنانيين التي تتجاوز القوانين وتعرض سلامة تلك الدول للخطر".
استنكار واستغراب
بعد الذي حصل مع السعيد، أصدر نقيب محرري الصحافة اللبنانية، جوزف القصيفي، بياناً، قال فيه إن النقابة ستجري اتصالات مع وزير الإعلام، ومع المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، "لجلاء أسباب هذا المنع، مع تأكيد موقف النقابة الثابت من عرقلة أي صحافي أو إعلامي لأسباب تتعلق بأدائه المهني، سواء كان لبنانيًا أو مقيمًا في لبنان أو وافدًا إليه".
واستنكرت الدائرة الإعلاميّة في حزب "القوات اللبنانية"، أشدّ الاستنكار تصرُّف الأمن العام قائلة في بيان "تفاجأ الوسط الإعلامي اليوم واستطراداً السياسي والشعبي بخبر منع الأمن العام اللبناني الإعلاميّة والكاتبة والمنتجة الكويتية فجر السعيد من دخول لبنان، بعدما كانت وصلت إلى مطار بيروت، ومن دون أن يعلمها أسباب هذا المنع، وأن يوضِّح للرأي العام خلفيات هذه الخطوة المستهجَنة وغير المقبولة بتاتاً في بلد إحدى مزاياه الأساسية أنّه وطن الحريات".
وطالبت الدائرة الاعلامية "بأوسع تضامن لبناني مع الإعلامية الحرة انطلاقًا من تمسُّك اللبنانيين بهوية بلدهم ودوره ومنع كل محاولات تحويله إلى دولة بوليسيّة خارجة عن القانون اللبناني والدولي ولا تشبه القيم الحضارية لهذا البلد"، معلنة استغرابها "السكوت المريب للمسؤولين الحكوميين إزاء خطوة تسيء إلى علاقات لبنان العربية وتحديدًا مع الكويت التي تعرّف اللبنانيون على أياديها البيضاء في كل المحطات والمناسبات وعلى مرّ التاريخ".
وتساءلت "هل بهذه الطريقة المريبة والمرفوضة والمستهجَنة يعيد لبنان تحسين علاقاته مع الدول العربية؟ المطلوب ليس فقط التوضيح، إنما الاعتذار من الكويت والإعلامية السعيد وإعادة فتح أبواب لبنان أمامها فوراً".
كما اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أنّ منع "السعيد من دخول لبنان بطريقة بوليسيّة، ومن دون أيّ مسوّغ قانوني، إنّما هو ضرب لكلّ ما يمثّله لبنان من قيم حضارية وثقافية وإعلامية من جهة، واستهتار كامل بعلاقات لبنان العربية من جهة ثانية، الأمر الذي يشكّل ضرباً لمفهوم الحرّيّات برمته".
وأضاف جعجع، في بيان، أنّ "الكويت لطالما كانت خير معين وظهير وصديق للبنان منذ الاستقلال وحتى اللحظة على مختلف الأصعدة، وفي مقدمتها المشاريع الإنمائيّة التي أنجزها صندوق التنمية الكويتي، أقلّه في السنوات العشر الأخيرة، والتي تفوق في بعض المناطق، ما أنجزته الدولة اللبنانيّة بحدّ ذاتها، كما أنّ الكويت كانت دائمًا وأبداً ومن دون تردُّد، تقف إلى جانب لبنان في المحافل العربيّة والدوليّة، فهل هكذا نكافئ أصدقاءنا؟ ".
وتابع قائلاً "لكن على ما يبدو أنّ السبب الوحيد لمنع الإعلامية الحرّة فجر السعيد من دخول لبنان يكمن في مواقفها الواضحة والشفافة تجاه محور الممانعة، والسؤال المطروح: هل تحوّل لبنان إلى كوريا شماليّة ثانية؟"، لافتاً إلى أنّ "المطلوب من رئيس الحكومة ووزير الداخلية إجراء تحقيق فوريّ في هذه القضيّة وتحديد المسؤوليّات وإنزال أشد العقوبات بحق الذين كانوا وراء هذا القرار... ماذا وإلّا، أهلا بكم جميعاً في جمهوريّة كوريا الشماليّة".
كما استغربت مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي أن يتم منع السعيد من الدخول إلى لبنان وتوقيفها والتحقيق معها و"ذلك فقط على خلفية مواقفها وآرائها السياسية"، وقالت في بيان إنّ "هذا النسق المُدان من التضييق إنما يشكل ضرباً لفكرة وجود لبنان القائمة على الحريات والتنوع وعلى احترام الصحافة والصحافيين لبنانيين كانوا أم وافدين، وعلى السلطات المعنية والأجهزة المختصة توضيح ما حصل ومعالجة الأمر ومنع تكراره".
توضيح يحتاج إلى توضيح!
تعليقاً عما حصل، أعلنت المديرية العامة للأمن الأمن أنّ بتاريخ 7/6/2023 تقدمت الإعلامية فجر السعيد، عند وصولها إلى مطار بيروت الدولي قادمة من دولة الكويت، "للحصول على تأشيرة دخول إلى لبنان، وبعد التدقيق بمستنداتها تبيّن أن بحقّها إجراء عدم السماح لها بالدخول".
وذكرت أنّ مكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للأمن العام، يوضح أنّ إجراءات دخول العرب والأجانب إلى لبنان والإقامة فيه، مناطة وفقا للقوانين المرعية الإجراء حصراً بالمديرية. كما يحق لأصحاب العلاقة مراجعة هذه المديرية، بالأصالة أو بالوكالة، لإعادة النظر بأي إجراء يصدر عنها في حال تقدّموا بمعطيات ومستندات تسمح بإعادة النظر بأي إجراء متخذ.