الراصد : هذا العدد الكبير من حسم سريع لأصوات الناخبين لصالح حزب الإنصاف وفق ما يرى خصومه.
وخير دليل على ذلك الأثر السيئ الذي أحدثه التهجير على وضع مقاطعة تفرغ زينة، فحسب ماهو مسطر على موقع البلدية عن تعداد سكانها "ويبلغ عدد سكانها أكثر من 61.893 نسمة سنة 2021 وفقًا لمعطيات المكتب الوطني للإحصاء عام 2015".
وبناء على المعلومات أعلاه ولأن نصف السكان تحت ال18، فكان من المفترض أن يبلغ عدد الناخبين 31.000 ناخب، في حين زاد عدد المسجلين على 71.000 ماخب، ولو افترضنا أن الساكنة الفعلية سجلت في الانتخابات الحالية، واعتمدنا نسبة المشاركة المعتمدة من اللجنة الوطنية المستقلة 64% لكان عدد المقترعين في حدود 19.840 ناخبا.
ووفق مصادر خاصة لموقع الفكر فقد حدد منسق الحملة الجهوية في العاصمة السيد المختار ولد أجاي مجموعة من مكاتب التصويت في عرفات منذ أكثر من ستة أشهر، وطلب من القيادات الإنصافية تسجيل أنصارهم فيها، مفتتحا بذلك تنافسا غير مسبوق بين أطر الحزب من أجل كسب رهان العاصمة، لإثبات قدراتهم وأوزانهم السياسية.
وإضافة إلى التهجير كان للمال السياسي وشراء الذمم وفق ما ترى أحزاب المعارضة دور أساسي في النتيجة المؤلمة التي حصدتها في العاصمة، وفي غيرها من المراكز التي ترشحت فيها.
وتؤكد مصادر متعددة من المعارضة أن المال السياسي لعب دورا أساسيا في صناعة نصر الإنصاف بدء بشراء الذمم، وشراء بطاقات التصويت واحتجازها، وهي المظاهر التي تقول المعارضة إنها لا تحتاج إلى دليل لتواترها في أكثر من منطقة.
التزوير.. اتهامات متصاعدة.. الداخلية في قفص الاتهام
يتحدث عدد من قادة المعارضة وآخرون ضمن الأغلبية عن عمليات تزوير واسع شملت مختلف أنحاء البلاد، واعتبر رئيس التحالف الشعبي التقدمي أن هذه الانتخابات أعادت البلاد إلى الحقبة الطائعية، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه رئيس حزب تواصل حمادي ولد سيدي المختار الذي اعتبر أن ما جرى مهزلة حقيقية.
واستعرضت قوى المعارضة في بيان صادر عنها مجموعة من الخروقات التي حصلت في الانتخابات الأخيرة منها على سبيل المثال:
أخر العديد من المكاتب في فتح أبوابها حتى منتصف النهار وما بعده، وعدم حصول مكاتب أخرى على أوراق التصويت لساعات؛
- فتح مكاتب التصويت بعد نهاية الوقت القانوني (الساعة 19:00) بتوجيهات عبر الواتساب من بعض السياسيين القياديين في حملة حزب الإنصاف، وبإشراف وأوامر مباشرة من الولاة الذين لا يُتصور قيامهم بذلك دون توجيه من وزارة الداخلية!
- قامت السلطات الإدارية ورؤساء المكاتب بطرد ممثلي أحزابنا الذين اعترضوا على التمديد غير القانوني وعلى التصويت تحت جنح الظلام في تلك المكاتب.
- في مقاطعة بوتلميت كانت الفوضى والتزوير أظهر وأكبر من التوصيف. فقد تأخرت المكاتب وتآمر ممثل اللجنة المستقلة للانتخابات ورؤساء مكاتب كثيرة مع السلطات والفاعلين السياسيين المنتمين لحزب الحكومة من أجل تزوير إرادة الشعب وطرد الشهود على ذلك وهم ممثلو أحزاب المعارضة الديمقراطية.
اللجنة المستقلة في مواجهة الاتهام
من جانبها لم تخل اللجنة المستقلة من نيل نصيب من اتهامات المعارضة، ووفق القيادي بحزب تواصل صبحي ولد ودادي فإن هنالك تلاعبا كبيرا بنتائج حزبه من قبل اللجنة المستقلة التي ترى المعارضة أنها عاجزة وقاصرة عن أداء مهامها وتتحكم فيها وزارة الداخلية.
صبحي لم يكن الوحيد الذي قصف اللجنة المستقلة، فهناك قصف من الموالاة والمعارضة واتهام للجنة بعدم الجدية أو الشركة مع المزورين.
ورصدت المعارضة جملة من مظاهر عجز اللجنة أو تواطئها مع الطرف الآخر من بينها حسب البيان:
- عدم تنفيذ وزارة الداخلية للاتفاق مع المعارضة وتملص اللجنة المستقلة للانتخابات من تنفيذه تبعًا لذلك؛
- طالبت المعارضة بالتوافق على موعد دعوة الناخبين، ولكن تم تحديد الموعد بشكل أحادي؛
- طالبت المعارضة باعتماد جهاز تحديد الهوية بالبصمة داخل مكاتب التصويت، لكن لجنة الانتخابات تحججت بعدم امتلاك الأموال الكافية رغم ميزانيتها الضخمة.
- رفض اللجنة التشاور مع أحزاب المعارضة في تشكيل رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت رغم الاتفاق على ذلك سابقا؛
ـ رفضت اللجنة المستقلة للانتخابات إجراء تحقيق في اللائحة الانتخابية رغم إلحاح أحزاب المعارضة عليه وإمكانيته وأهميته صوناً لمصداقية الانتخابات؛
ـ تحويل مكاتب للتصويت إلى مناطق غير المعلنة على موقع اللجنة دون إعلام المصوتين والأحزاب.
احتفاء شعبي بالإنصاف.. أم حرق للتهدئة السياسية؟
يذهب المستشار برئاسة الجمهورية القيادي في حزب الإنصاف ومنسق حملته الجهوية في تكانت الدكتور أحمد سالم ولد فاضل إلى أن نتائج الانتخابات الأخيرة، أطاحت بورقتين أساسيتين من أوراق المعارضة وهما:
- ورقة المظلومية والحيف السياسي- وورقة استغلال الفئات الهشة وخطاب التطرف.
معتبرا أن النتائج كانت احتفاء وتقديرا من المواطنين للبرامج الوطنية والمجتمعية التي نفذتها الحكومة، وفيا يعتبر مناوئو النظام أنه حرق بشكل مؤلم صورته الديمقراطية لدى الرأي العام السياسي وأحرق بشكل كبير التهدئة السياسية، وفتح على نفسه بوابة صراع مع المعارضة وبعض أطراف الأغلبية ، على بعد أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية، وبين الاحتفاء والحنق والفوز والهزيمة يأخذ المشهد السياسي بوابة أزمة جديدة يتوقع أن تظلل بكثير من الخلاف المأمورية الثانية للرئيس الغزواني، كاتبة بذلك إعلان وفاة للتهدئة السياسية ولبعض أحزاب المعارضة أيضا.
من المتضرر ومن الرابح
رسم النظام مع المعارضة علاقة متميزة من التهدئة وحسن الجوار، لكنه في هذه الانتخابات صفعها من جهة وصفع نفسه، بالتزويرالفاضح، وبقطع الطريق أمام الناخب ولإرادته الحرة في التعبيربحرية عن خياره، واختيار ممثليه.
وبهذا التصرف دفع النظام المعارضة إلى التوحد ضده، والتشكيك في شرعية الانتخابات، حتى قال الرئيس مسعود إنه لم يشهد انتخابات أسوأ من هذه الانتخابات، بما في ذلك انتخابات البلدية في أيام ولد الطايع.
وترى المعارضة أنه لايمكن اعتبار قد المكاتب من دبر، وفتحها عنوة بعد أن غلقت الأبواب، و جلب المناصرين تحت جنح الظلام أمرا عاديا ولا مقبولا، أو مبررا.
ويرى البعض أن تاريخنا الحديث يؤكد أن قصور قادتنا في تسيير التداول السلمي على السلطة، حرك الطامحين للسلطة لا ستخدام القوة والإطاحة بالنظام لا لشيء إلا لأنه أعطاهم الفرصة بتزوير الانتخابات، وسد الباب أمام أي تغيير عبر صناديق الاقتراع.
بدء من المختار ولد داده وانتهاء بالرئيس معاوية.
من جهة أخرى يرى البعض أنه لم يكن هناك من داع لافساد الانتخابات، خاصة أن حزب الانصاف يضمن فيها التفوق النوعي والعددي، عبر طول البلاد وعرضها، ونجاح الانتخابات كان سيحسب للرئيس لا عليه.
وهاهو اليوم يدفع المعارضة للتوحد، و يجعل الخاسر منها يتذرع بالتزوير.
وبرأي الكثيرين فقد خسر النظام حين سمح لبعض الأطراف القاصرة سياسيا في التنادي بفتح المكاتب لا لشيء إلا لأنهم يريدون نصرا خداعا.
ومن تاريخنا القريب ندرك أن من قام بهذه العملية تراجع عن شهادته لله في حق الرئيس المنصرف، لأنه لم يعد يمسك الكرسي.
أحد أنصار الرئيس قال لنا موجها كلامه للرئيس: "سيدي الرئيس تسيير ذلك الشخص هو الذي منح حزب تواصل الفوز ببلدية الواد الأبيظ في مقاطعة مال حين منعهم من حقهم في الترشح، وهاهم يثبتون له أنهم على الأرض أقوى وأعز.
فعليكم أن تبعدوا عنكم أمثال هؤلاء وتتمسكوا بنهجكم الذي أفرح البلاد واسعد العباد، من التسامح المنبثق من نفسية عالية تعتبر أنها مسؤولة بصحيح القانون عن الجميع".
مع نهاية هذه الانتخابات، فالأكيد أن حبل الوصال قد انقطع بين المعارضة والنظام، فإلى أين تسير الأمور.
سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب.
عن موقع الفكر