الراصد: كتب إكس ولد إكس إكرك:
الشغور المعنوي
ليس للأشخاص في دولة القانون والمؤسسات، أن يلعبوا إلا الدور الذي يحدده لهم القانون.
وفي تغول المسؤول وتضخم ذاته وتمجيده وتبذير أبنائه للمال الذي لاشك أن مصدره المال العام واستغلال النفوذ، وإلا فإن راتب المسؤول نفسه يتم رميه ورقات عملة تتطاير في جلسة طرب واحدة !!
رأس السطلة يحتكره الرئيس في ظل النظام الرئاسي وشبه الرئاسي، والوزراء طاقم تنفيذي تحت إمرة الرئيس، كما أن البرلمان سلطة تشريعية تسن القوانين، والقضاء سلطة مستقلة تمارس دورها دون أي وصاية أو تحكم.
أما حرم رئيس الدولة، فلا دور لها حسب القانون، وإن كان لها دور بروتوكولي عرفي فقط كاستقبال (خِلطةِ) رؤساء الدول الأخرى وحضور أيام الصحة الإنجابية وتلقيح الأطفال على أقصى تقدير.
وأما المسؤولون الأمنيون من جنرالات وضباط فيجب أن يظلوا رجال ظل، لأن دورهم هو حفظ (أهون موجود وأعز مفقود) ألا وهو الأمن، أما يصولوا ويجولوا ويحسب لهم ألف حساب فذلك ينم عن ضعف الرئيس وعجزه عن ضبط الأمور.
فولد مرزوق يتخير الوظيفة التي يريد ولم يرض بغير الخارجية بعد الداخلية، وحرم الرئيس لها مجموعة ضغطها، وتعين وتعزل، ومسغاور جنرال برتبة زعيم من زعماء أولاد امبارك يصطبح (باصبوح أولاد العالية) ويغتبق (بالكرص).
وحين يهرب السجناء تعتذر الدولة بعذر امرئ القيس:
وَما جَبُنَت خَيلي وَلَكِن تَذَكَّرَت :: مَرابِطَها في بَربَعيصَ وَمَيسَرا
وهذا هو عين تساهل الرئيس الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله، تساهل مع الجنرالات فتغدوا به قبل أن يتعشي بهم بل إن الشعب في ععهده شعر بطيبته وعجزه رحمه الله، فنشطت تجارة المخدرات وتغول الضباط..
لقد كانت البلاد سائبة ونخشى أن ترجع للسيبة في ظل التساهل وعدم الصرامة والحسم.
ومن أمثلة تاريخنا القريب أنه حين أقام الأمير احبيب ولد أحمد سالم ندوية "حصرت آوليگ" سنة 1975 قال البعض: "حد إگد يجمع ذ من خلق مولان في خلاء من الأرض ما إيهمُ يگبظ نواكشوط في أربع و عشرين ساعة ما عدّلها.
وجهت الدولة رسالة واضحة للأمير احبيب، وكان أميرا ذكيا جاء للمختار وهو يحمل شارة الإمارة معتذرا ، ولم يعد لمثلها، وعزلت الدولة جميع الموظفين الذين حضروا تلك (الحصرة).
وبعد حادثة في باسكنو قدم الوالي أحمد ولد ابّا ولد امّين إلى الزعيم لتقليدي سيدي ولد حننا وقال له دون مقدمات: إذا تكرر مثل هذه الحادثة فترسل مخفورا إلى نواكشوط.
فخفض الزعيم سيدي الجناح ولم يعد لمثلها.
وفي حادثة مماثلة تم تحذير الأمير الدان فامتثل لسلطان الدولة ، وسمعته في تسجيل يقول بالحرف الواحد في مقابلة مع العميد محمدن ولد سيدي إبراهيم:
" لين ج لستقلال عاد الرئيس العام المختار وعت آن شيخ اعل ذِ العامة إلّ هون.
وحين بعث الرئيس محمد خونه ولد هيدالة إلى الأمير الدان يريد إرسال ابنه (النّيهَ) ليسجن في نواكشوط بعد حاثة ارتكبها، وأرسله إليه.
وكان الأمير أحمد ولد الداه ولد أحمد العيده سياسيا يؤمن بالدولة وسلطانها وعضوا في البرلمان وكان رجلا ذكيا لم يمارس أي نفوذ يخرق سلطان الدولة في مجاله الأميري.
وفي مايو 1962 بعد حادثة قتل شخصين أثناء شجار قبلي على أولوية الارتواء عند بئر(آكريديل) شمال نواكشوط قرب "إطويله"، صمّم الرئيس المحتار على تنفيذ حكم الإعدام على الجاني رغم موقف قبيلته النافذة ، وقال المختار ولد داداه عن الحادثة في مذكراته:
"الجريمة المرتكبة عند البئر إذا لم تقمع بصرامة فإنه يخشى عليها أن تدشن عودة حالة الفوضى والسيبة القديمة التي كان القوي يسحق فيها الضعيف بلا هوادة ، ورجوع الحروب القبلية التي عاثت فسادًا في البلاد قبل الاحتلال الفرنسي ".
إن الشغور المعنوي لمنصب الرئيس يوازي تماما شغوره المادي، خاصة في دولة (شعب الله المنافق)، الذي لا يسير على القانون إلا بالضرب على يده كالحمار لا يسير إلا بالعصا وكالمسمار لا ينفذ إلا بالضرب على الرأس.
كامل الود