الراصد: قسم المحروقات في موريتانيا (النفط والغاز) لم يخرج بعد من عباءة قسم المعادن عند من يُديرون دفة الوزارة التي عادة ما تسمى وزارة الطاقة والمعادن وإن بتعديلات طفيفة تقديمها وأخيرا في الاسم.
فعند بداية تأسيس هذا القسم رُبط بالمعادن التي كانت لها إدارات قائمة وكوادر آنذاك (حدود 2004) وفي عجالة من الأمر استخدم مدراء وعمال المعادن للإشراف وإدارة القسم الجديد. بححة أنه لا توجد كوادر متخصصة في النفط وأن أقرب شيء إليه هو الجيولوجيا نظرا لبعض التداخل في جيولوجيا البترول.
كان الأمر يبدو كما لو أنه إجراء مؤقت إلى حين توفر طواقم في مجال البترول قادرة على تحمل وإدارة وتسيير هذا المجال .
وهو الشيء الذي تم بعد قرابة 10سنوات أو أقل،
إذ تخصص كثير من حاملي باكلوريا ما بعد 2004 في مجال البترول ظنا منهم أنهم سيكونون سباقين إلى هذه الإدارة الجديد عمالا ومهندسين ومشرفين وغيره.
لكن الصدمة أن هؤلاء أو أغلبهم اتجهوا إلى الأعمال في مجالات أخرى بحثا عن لقمة العيش بعد أن أمضى كل منهم سنتين أوثلاث وهو يدور على الوزارة المعنية والإدارات التابعة لها والشركة الموريتانية للمحروقات دون جدوى.
وهو ما أبقى الوضع القائم- الذي كان استعجاليا فقط لتأسيس نواة قسم البترول في الوزارة - على ماهو عليه، فتبعية قسم البترول لجانب المعادن مستمرة بسبب سياسة التوظيف التي ألغت أغلب القادمين من الخارج بتخصصات البترول وأبقت على خريجي قسم الجيولوجيا من جامعة نواكشوط ومن على شاكلتهم .
أذكر أنا قدَّمنا عريضة مطلبية للوزير الوصي - نحن 11 خريجا من مجال البترول من مصر والجزائر وماليزيا- كان ذالك في 2014
نطلب منه دمجنا في قطاع المحروقات،وبعد أخذ ورد ولقاءات متكررة وعلى الرغم من تأكيد الأمين العام للوزارة لنا على أنهم بحاجة لنا وأن أغلب الطواقم لا توجد فيها تخصصات مشابهة لما درسناه،
فإن المماطلة والتجاهل كانت هي الحاسمة في مصير هذه النخبة التي تعتبر في ذالك الوقت قلة قلية رائدة في المجال، فتفرقت شيعا.
الجدير بالتأكيد تعضيدا لما ذكرت اولا أنه في أثناء ترددنا في الوزارة في تلك الفترة وحسب محاولتنا الاطلاع على عمالها لمعرفة تفاصيل عن آليات التوظيف، كان الغياب سيد الموقف، لكنا كنا شهود عيان فلم يكن يعمل بها ممن لهم علاقة بالبترول إلا اثنين من الفنيين الساميين وكانو برفقة الشركات الأجنبية ممثلين للجانب الموريتاني. أما غير ذالك فناس لا علاقة لهم بالمجال.
(للمعلومة فإن رئيس قسم المحروقات في الوزارة فترة طويلة هو : خريج الجيولوجيا) .
وسواء حدثت تغييرات وتطورات هنا أو هناك في أنحاء الوزارة إداريا أو ميدانيا فإن أصل المشكلة قائم وحلها هو إحلال الطواقم المتخصصة محل ما تبقى من المؤقتة.
وبالطبع يتطلب إحلال طواقم متخصصة في مجال البترول محل أخرى كانت مؤقتة وتحكمت في مفاصل الإدارات وغيرها إرادة. قوية وصادقة من الدولة وكافة المسؤلين عن القطاع.
بل ويجب أن تكون وزارة النفط مستقلة بذاتها فهي إذا نجحت قد توفر 70 % من مداخيل الدولة. ولايمكن أن تكون مهمشة وكوارد مجالها يعملون في المحلات أو في سيارات الأجرة او مهاجرون خارج البلد، وهي تعيش تحت عباءة قسم المعادن أو غيره.
هذه نسبة كبيرة من أزمة البترول :أن يسندالأمر إلى غير أهله
أسامة أباه