الراصد: بسم الله الرحمن الرحيم
وُفق السيد رئيس الجمهورية في تشخيص واقع الإدارة حاليا في خطاب 24 مارس الذي ألقاه بمناسبة تخرج دفعة من الموظفين من المدرسة الوطنيةللإدارةوالصحافةوالقضاء، وتساءل الجميع عقب ذلك ما الحل لتجاوز هذا الواقع غير القابل للاستمرار؟
وللأمانة فقد طرحت حكومات سابقة هذا السؤال بعد تشخيصات خلصت في كل مرة إلى أن إدارتنا تعاني من أزمات بُنيوية مردها جميعا الفشل في مجال تسيير الموارد البشرية؛ حيث تتسم المسارات الوظيفية لكبار المسيرين الإداريين بالزبونية والعشوائية المطلقة؛ بشكل جعل الوظائف العامة الأساسية للدولة مستباحة من أنصاف المتعلمين ومن هم دون ذلك من "المِظليين" الفاسدين.
ومساهمة في البحث عن حل لهذه المعضلة فإنني أقترح إعادة إحياء المرسوم رقم:152/2007، المتعلق بوظائف تأطير الإدارة مع توسيعه ليشمل منصب الأمين العام للوزارة فما دون ذلك؛ إذ أن الأمين العام هو المسؤول الإداري والمالي الأول في االوزارة وهو المحرك الأساسي للعمل، بل هو قلب الوزارة الذي تصلح بصلاحه وتفسد بفساده، وعليه فلا يمكن أن يُترك مثل هذا المنصب لانتهازيي السياسة من موظفي الصدفة الذين لا يفكرون إلا في نهب الميزانيات وإثقال كاهل القطاعات الموكلة إليهم باستجلاب عشرات الأشخاص من غير حاجة فعليه لهم، الأمر الذي تسبب في ترهل الجسم الإداري بشكل عام؛ وعليه فلا ينبغي أن يُسند هذا المنصب المحوري إلا لأحد قدماء الوزارة العارفين بها ممن يتمتعون بالمعرفة والنزاهة اللازمتين للنجاح في مثل هذه الوظيفة.
انطلاقا مما سبق وبناء عليه فإنني أُقدم للباحثين والمهتمين بقطاع الوظيفة العمومية مقترحا لمرسوم جديد لمناصب التأطير الوظيفي للإدارة استلهمت كثيرا منه من المرسوم رقم: 152/2007، ومن الأنظمة الإدارية والهيكلية لدول مثل المغرب، الجزائر، فرنسا، السنغال، مصر، تركيا... وذلك على النحو التالي:
المادة الأولى: يحدد هذا المشروع مناصب التأطير الوظيفي للإدارة وطرق الاكتتاب والخدمة في تلك الوظائف تطبيقا للمادة 29 من القانون رقم: 09-93 الصادر بتاريخ: 18 يناير 1993، المتضمن للنظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة.
المادة 2: تتمثل مناصب التأطير الوظيفية للإدارة المذكورة في المادة 29 أعلاه في وظائف الأمناء العامين للوزارات، والمكلفين بمهام بها، ومستشاري الوزير، والملحقين بالديوان، والمديرين، والمديرين المساعدين، ورؤساء المصالح والأقسام.
المادة 3: يُعيَّن الأمناء العامون بواسطة مرسوم متخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح من الوزير المعني، من ضمن موظفي الدرجة العليا من منسوبي الوزارة الذين لم تثر حولهم شبهات فساد، ولم يتعرضوا لعقوبات تأديبية من المجموعة الثانية ممن شغلوا وظيفة مدير أو مكلف بمهمة لمدة لا تقل عن 4 سنوات، مع خبرة لا تقل عن 15 سنة في الإدارة العمومية.
المادة 4: يُعيَّن المكلفون بمهام، ومستشارو الوزير، والمديرون بواسطة مرسوم متخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح من الوزير المعني، من ضمن موظفي الدرجة العليا من منسوبي الوزارة الذين لم تثر حولهم شبهات فساد، ولم يتعرضوا لعقوبات تأديبية من المجموعة الثانية ممن شغلوا وظيفة مدير مساعد لمدة سنتين على الأقل، أو وظيفة رئيس مصلحة لمدة أربع سنوات على الأقل، مع خبرة لا تقل عن عشر سنوات في الإدارة العمومية.
المادة 5: يُعيَّن المديرون المساعدون بواسطة مقرر صادر من الوزير المستخدم من بين الموظفين من فئة أ من منسوبي لوزارة، الذين لم يتعرضوا لعقوبات تأديبية من المجموعة الثانية في السنوات الخمس الأخيرة، والذين شغلوا وظيفة رئيس مصلحة لمدة ثلاث سنوات على الأقل، مع خبرة لا تقل عن سبع سنوات في الإدارة العمومية.
المادة 6: يُعيَّن رؤساء المصالح بواسطة مقرر صادر من الوزير المستخدم من بين موظفي الفئة أ الذين لم يتعرضوا لعقوبات تأديبية من المجموعة الثانية في السنوات الخمس الأخيرة، وسبق لهم أن شغلوا وظيفة رئيس قسم لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، مع خبرة لا تقل عن خمس سنوات في الإدارة العمومية.
المادة 7: يُعيَّن رؤساء الأقسام بواسطة مقرر صادر من الوزير المستخدم من بين موظفي الفئة أ الذين لم يتعرضوا لعقوبات تأديبية من المجموعة الثانية في السنوات الثلاث الأخيرة،. مع خبرة لا تقل عن سنتين في الإدارة العمومية.
المادة 8: يمكن بصفة استثنائية وبنفس الشروط الواردة في المادتين السابقتين أن تُشغل وظائف رؤساء المصالح والأقسام من طرف موظفي فئة ب الذين لهم خبرة مؤكدة لا تقل عن خمس سنوات.
المادة 9: تتم التعيينات المتعلقة بوظائف الأمناء العامين والمكلفين بمهام والمستشارين والمديرين لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد في نفس المنصب مرة واحدة، وثلاث سنوات قابلة للتجديد في نفس المنصب مرة واحدة بالنسبة لبقية الوظائف، مع الأخذ في الاعتبار المواصفات الواردة أعلاه واحترام اللوائح المعدة من طرف لجنة الانتقاء المنشأة بموجب المادة 10 أدناه.
المادة 10: يُعلَن عن المناصب التي أصبحت شاغرة أو تلك التي هي في طريق الشغور داخليا في الوزارة المعنية، عبر الوسائل المناسبة لإبلاغ المعنيين بذلك.
تُدرَس الترشحات المتعلقة بوظائف الأمناء العامين والمكلفين بمهام والمستشارين والمديرين من طرف لجنة إدارية عليا يترأسها وزير الوظيفة العمومية، تتكون من مستشار الوزير القانوني والمدير العام للوظيفة العمومية ومدير شؤون تسيير الموظفين، مع إمكانية الاستعانة بمن يرى الوزير من الخبراء.
تقدم هذه اللجنة للوزير المستخدم لائحة بالأشخاص الحاصلين على أعلى تقييم، لا يمكن أن تتجاوز هذه اللائحة خمسة أشخاص ولا أن تقل عن شخصين.
يقدم الوزير المستخدم بناء على التقييم السابق لمجلس الوزراء لائحة لا تقل عن شخصين لتعيين أحدهما في المنصب الشاغر.
تُدرَس الترشحات المتعلقة بالوظائف التأطيرية الأخرى من طرف لجنة يترأسها الأمين العام للقطاع المعني، تتكون من المستشار القانوني للوزارة ومدير المصادر البشرية مع إمكانية الاستعانة بآخرين عند اللزوم.
المادة 11: استثناء من الترتيبات السابقة وللتمكين من وضع الآليات الضرورية لتنفيذ هذا المرسوم يمكن استبقاء الأشخاص الذين يوجدون في وظائف تأطيرية الذين لا تتوفر فيهم الشروط المحددة أعلاه، على أن لا تتجاوز مدة الاستثناء سنة من تاريخ نشر هذا المرسوم.
المادة 12: تُلغى جميع الترتيبات السابقة المخالفة لهذا المرسوم، خاصة ترتيبات لمرسوم رقم 2008/185 الصادر بتاريخ 31/12/2008، المتعلق بوظائف تأطير الإدارة والمرسوم رقم 2012/049 الصادر بتاريخ 16 فبراير 2012، المكمل لترتيباته والمرسوم رقم 2016/ 061 الصادر بتاريخ 07 إبريل 2016 المتعلق بالوظائف السامية للإدارة.
المادة 13: يُكلَّف الوزراء كل فيما يعنيه بتطبيق هذا المرسوم الذي يُنشر في الجريدة الرسمية وفق إجراءات الاستعجال.
والله الموفق