الراصد: مخاصمة القضاة هي الدعوى التي يرفعها أحد المتقاضين ضد قاض ما وتبت فيها غرفة مشورة المحكمة العليا التي تتألف من رئيس المحكمة العليا ورؤساء غرفها الخمس (غرفتان مدنيتان واجتماعيتان وغرفة تجارية وغرفة إدارية وغرفة جزائية) الذين يعدون من أكبر قضاة البلد. وتجوز مخاصمة القضاة في حالات التدليس والغش والارتشاء والخطأ المهني الجسيم، وفي حالة الامتناع عن الحكم (نكران العدالة) وهو رفض القضاة البت خلال الآجال في الطلبات المعروضة عليهم أو إهمالهم فصل القضايا الجاهزة. ويعتبر التباطؤ في إجراءات التحقيق في حالات الحبس الاحتياطي إهمالا وسببا من أسباب المخاصمة التي قررها القانون الموريتاني.
وتقدم مخاصمة القضاة بواسطة عريضة يوقعها المخاصم نفسه أو من يخوله أن ينوب عنه بوكالة رسمية وخاصة، وإذا قبلت العريضة فإنها تبلغ في ظرف ثمانية أيام للقاضي الذي وجهت المخاصمة ضده؛ والذي يجب عليه أن يقدم وسائل دفاعه في ظرف ثمانية أيام. وإذا قررت الهيئة القضائية المختصة رفض دعوى المتقاضي الذي قدم المخاصمة يحكم عليه بغـرامة من 20.000 أوقية قديمة إلى 120.000 أوقية قديمة.
ومن حق الرأي العام والخاص التطلع لقرار المحكمة العليا المذكور لمعرفة إجراءاته وأسبابه؛ خاصة ما إذا كان طلب المخاصمة قبل شكلا وشُفع بالإجراءات المقررة قانونا. ونظرا لأهمية الموضوع وحفاظا على مكانة القضاء الوطني يتعين نشر قرار المحكمة العليا؛ فكما يقول الرئيس الأول لمحكمة النقض الفرنسية غي كانيفي (Guy Canivet): "انقضى العهد الذي كان يفترض فيه أن سلطة ومصداقية القضاء تقوم على السكوت عن الأخطاء المرتكبة من قبل القضاة والتغطية عليهم بأسطورة القاضي الذي لا يجوز المساس به؛ فثقافة السكوت لم تعد مقبولة من المجتمع، وبالعكس فإن سلطة القضاء وثقة المتقاضي، تستندان اليوم، أكثر من أي وقت مضى، على شفافية الإجراءات، وعلى الأحكام التأديبية التي تتيح لكل مواطن التأكد من أن الأخطاء المكتشفة تعاقب فعلا بما يناسبها".