الراصد: يدلي الناخبون في غامبيا بأصواتهم السبت في انتخابات حاسمة لديموقراطية فتية تسعى للتغلب على ماضيها الديكتاتوري وتأثير كوفيد-19 على اقتصادها الهش.
وفتحت مراكز التصويت أبوابها عند الساعة الثامنة (بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينتش) بينما تشكلت طوابير طويلة قبل الفجر للتصويت في بانجول والمناطق المحيطة بها ، حسبما أشار صحافيو وكالة فرانس برس.
وفي سوق مانجايكوندا في ضواحي العاصمة اصطف نحو 500 شخص، وانتظروا لساعات.
ويجري التصويت من الساعة الثامنة إلى الساعة 17,00 بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينتش ليختار الناخبون رئيس دولتهم المقبل عبر وضع كرة في واحدة من العلب التي تحمل ألوان المرشحين، في عملية اعتمدت منذ فترة طويلة بسبب انتشار الأمية.
ويتنافس أداما بارو الرئيس المنتهية ولايته مع خمسة مرشحين آخرين، جميعهم رجال على أقل بقليل من مليون صوت، لتولي رئاسة أصغر دولة في القارة الإفريقية وتعد واحدة من أفقر دول العالم، لولاية مدتها خمس سنوات.
وتجري الانتخابات في دورة واحدة فقط. ويمكن أن تُعرف النتائج الأولى في وقت مبكر من الأحد.
وكان أداما بارو وهو متعهد عقارات يبلغ من العمر اليوم 56 عاما، ضرب قبل خمس سنوات كل التوقعات وفاز على الديكتاتور يحيى جامع الذي أمضى أكثر من عشرين عاما في السلطة شهدت فظائع ارتكبتها الدولة وعملاؤها من اغتيالات إلى حالات اختفاء قسري وجرائم اغتصاب وتعذيب.
ورفض جامع حينذاك الاعتراف بهزيمته واضطر في نهاية المطاف لمغادرة البلاد إلى غينيا الاستوائية تحت ضغط تدخل عسكري من قبل دول غرب إفريقيا.
وتشهد غامبيا بذلك أول انتخابات لم يترشح جامع فيها منذ 1966.
وتشكل إمكانية محاسبته أحد رهانين أساسيين للانتخابات، إلى جانب الأزمة الاقتصادية.
ويتفق الغامبيون الذين قابلتهم وكالة فرانس برس على أنهم استعادوا حريتهم بعد سنوات من الخوف وعلى ضرورة التصويت لترسيخ ديموقراطية هشة.
ويشدد أداما بارو على إنجازاته في إعادة الحريات وبناء طرق وأسواق وتهدئة العلاقات مع المجتمع الدولي. ويدعو حزبه إلى "مواصلة التطورات غير المسبوقة".
"أوقات صعبة" -
أهم منافس للرئيس منتهية ولايته هو أوساينو دربو (73 عاما) وهو محامٍ في مجال حقوق الإنسان، يتهم الرئيس المنتهية ولايته ب"فشل ذريع" وعدم الالتزام بكل التزاماته للبقاء في السلطة. وهو يدعو للتغيير.
وقال "أؤمن بذلك بالتأكيد"، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس عما إذا كان حان الوقت بعد كان الرجل الثاني في نظام جامع أربع مرات، ليتولى الرئاسة خلفا لبارو بعدما كان وزيرا أيضا.
وتراجع بارو عن وعهده الأولي بالبقاء في منصبه لثلاث سنوات فقط خلال الفترة الانتقالية. كما خفف من التزاماته السابقة لتحقيق العدالة للمسؤولين عن الجرائم في عهد جامع.
وما حدث هو العكس تماما إذ تحالف حزبه مع حزب الرئيس المستبد السابق.
ويتساءل الضحايا عما إذا كان بارو سينفذ إذا أعيد انتخابه، توصيات لجنة التحقيق في عهد جامع.
وقد قدمت له اللجنة في تشرين الثاني/نوفمبر تقريرها ليقرر خلال مهلة ستة أشهر، هو أو من يخلفه على راس البلاد ما يجب فعله بعد ذلك.
ومن منفاه يواصل جامع التأثير على سياسة بلاده حيث ما زال لديه عدد كبير من المؤيدين.
لكن العديد من الغامبيين أعربوا عن مخاوف في قضايا أكثر إلحاحا. فنحو نصفهم يعيشون تحت خط الفقر في بلد تضرر بشدة من انتشار كورونا.
وقالت الطالبة خارياتو توراي (23 عاما) في سوق مانجايكوندا "من المهم جدا أن يصوت المواطنون ويختاروا الشخص المناسب".
من جهته، أكد بابكر ديالو أن التصويت "مهم جدا لأننا نريد التغيير". وأضاف أن "الأوقات صعبة جدا والوضع الاقتصادي سيء".
وبغض النظر عن الزراعة والتحويلات المالية من الخارج، تعيش البلاد بشواطئها المطلة على المحيط الأطلسي، على عائدات السياحة التي جفت.
وبدأ السياح العودة. لكن العديد من الوظائف اختفت.
وكانت غامبيا إحدى نقاط الانطلاق الرئيسية للمهاجرين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عن طريق زوارق.
هذا و يعاني الغامبيون كذلك من ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الأرز والسكر والزيت، ومن انقطاع المياه والتيار الكهربائي، وعدم الوصول إلى الرعاية الصحية.