الراصد: الإعلامي والأديب "بودرباله/ أباه "يرصد وقائع محكمة الإستئناف في
قضية اسليمان ---------
قصة قصيرة في محضر الدرك :
رغم فداحة الجريمة المرتكبة في حق رجل عصامي اعتمد على نفسه في بناء حياة مستقلة في أرض أجداده الذين فجروها ٱبارا و عيونا لا يرد عنها وارد و لا يمنع منها شارد ...اختار اسليمان منطقة "الشعبه " ( التابعة لمقاطعة حاسي أمامه ول صلاحي ( بنشاب ) ) ليقيم بها مسكنا و يغرس نخلات و ينمي بعض النوق و الماعز مستفيدا من " فتحة الماء " التي زودتهم بها الشركة من بحيرة الماء التي فجرها ذات يوم عزم و تصميم أمامه ول صلاحي و كأن ماء الفتحة يقول : بضاعتنا ردت إلينا ... تكون مع الوقت شبه حي وديع مسالم يعتمدون على ما تجود به الارض و ما تدره عليهم مواشيهم التي و ان غلت على نفوسهم فهي رخيصة في حق الضيف و " العزري " و الجار ، يصدق فيها قول الاول :
إن بذلي لها لبذل جواد
و اقتنائي لها اقتناء شحيح
كان اسليمان منشغلا بإحياء أرضه و عمارتها و بما ينفع الناس لا يعرف الغل و لا الكراهية و الحقد و لا المراوغة ، يعامل الناس بطيبوبته المعهودة و حسن نيته و صفائه الذي يجعله غريبا في زمن غلب عليه الخداع و الطمع و الطعن في الظهر من أقرب الاقربين ، مصداقا لقول الاول :
و ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند ...
لم يكن اسليمان يتصور أن الشاب غريب الاوطان النازح من اقصى الشرق و الذي نزل عليه فأكرمه و ٱواه سيتحول ذات يوم الى عدو لدود يظهر له النفاق و يبطن له الشر و كأن المتنبي تنبأ بحال اسليمان مع جاره حين قال :
اذا انت أكرمت الكريم ملكته
و ان انت اكرمت اللئيم تمردا
هذا الشاب الغريب ظل مع اسليمان يغذوه ست سنين حتى نبت ريشه و اشتد ساعده و سامى غارب الفحل غاربه فكان جزاء اسليمان كما قال الأول :
ربيته حتى إذا تمعددا
و ٱض نهدا كالحصان أجردا
كان جزائي بالعصا ان أجلدا ..
و يا ليت جزاء اسليمان كان الجلد بالعصا ..! فقد جازاه بأن رماه بحديدة ثقيلة حادة لا يهمه إن أصابته في مقتل : في الوجه أو في الصدر ..فشاء الله أن تصيبه في ساقه الأيمن مخلفة كسرا مضاعفا غائرا ليسقط مضرجا بدمائه غائبا عن الوعي فيهجم عليه هو و أخوه الذي استقدمه معه ليعيشا في ببت اسليمان مكرمين معززين ..!
تدخل رجال لأنقاذ اسليمان و نقل في سيارة إسعاف الى أگجوجت لتلقي الإسعافات الاولية .. و بعد ساعات نقل على جناح السرعة الى انواكشوط لإجراء عمليات جراحية مستعجلة ...! و ظل طريح الفراش مشلولا ثلاثة أشهر يتصبر و يتسلى بأن وراءه قبيلة لن تخذله و أنه في دولة تعهد رئيسها المنتخب و هو يعلم ان العدل أساس الملك بأن القانون سيطبق على الجميع و ان زمن المتنفذين المترفين الذين هم فوق القانون قد ولى ..!
ما الذي حصل في محضر الدرك ..؟! و ما الذي اعتمد عليه قاضي التحقيق في تكييف القضية ..؟! و كيف انعقدت محكمة أگجوجت في غياب اسليمان و غياب محاميه...؟!
و كيف تم تحديد تاريخ المحكمة في قلب أگجوجت و بأقلام أهل أگجوجت و القضية تعني أهل أگجوجت دون ان يعلم بها أهل أگجوجت ..؟!
و كيف غير منطوق الحكم من سنة و شهرين الى سنة مع وقف التنفيذ ..؟!
و كيف تسنى للمكمة ان تعتبر القضية منتهية و تصنفها على أنها مشاجرة بسيطة و يتم إبطال الحق المدني دون شهادة أهل أگجوجت...!؟
ذلك هو الفصل الاول .. و للقصة بقية ..!
يودرباله. اباه
يوم جلسة محكمة الاستئناف
10 نفمبر 2021