الراصد: أعلن المستشار السابق لوزارة العدل، احمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا في بيان أصدره اليوم، موجه للرأي العام، أن الشرطة أبلغته بإحالة ملفه للنيابة التي من المقرر أن يمثل أمامها غدا الإثنين.
الإجراء من ناحية الشكل قانوني ، لكنه من ناحية المضمون يعكس مخاوف من ليست لهم مصلحة في كشف المستور، و على الأرجح أن الهدف الحقيقي منه هو تصعيد الموقف ضد منتقدي السلطة التي يبدو انها أرادت من تحويله للقضاء إرسال رسائل ترهيب واضحة لعدة جهات :
1ـ النشطاء من مثقفين و سياسيين و مدونين، بأنه محظور عليهم المجازفة بالسير في حقل ألغام الفساد و أن من يتجرأ مستقبلا للحديث عن (الفساد الحلال) لن يكون طريقه مفروشاً بالورود.
2ـ رسالة سياسية للداخل بأن الفساد صفة مرتبطة بالعشرية و بأن إثارة القضية بهذا الشكل من جهة محسوبة تقليديا على الدولة العميقة (عائليا و حزبيا) في وقت تجري فيه تصفية خصوم النظام السابق تحت نفس اللافتة، غير مقبول و ينسف كل ادعاءات بطانة النظام القائم من أنه المنقذ و تسحب منه السلاح الذي قاتل به أعداءه طيلة العامين الماضيين من حكم الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني. و بالتالي السلطة تريد أن توجه جمهورها و المتعاطفين معها سياسيا إلى رد قوي و شامل لطمس العلاقة المزعومة للنظام بالفساد قبل أن يستفحل الامر و يخرج عن السيطرة.
و لا أستبعد أن يأخذ هذا الموضوع في الأيام المقبلة أبعادا اكبر و أخطر قد تفاجأ الجميع إذا أصرت الجهات التي تدفع بالسلطة للتصعيد إلى توجيه الصراع هذه المرة إلى النشطاء و اعتبارهم أكثر من يشكل قلقا للسلطة في هذه المرحلة.
إن وثيقة تهريب العملة الصعبة، هي هدية إلهية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، و هي بالإضافة إلى أنها تعري آلية الفساد و نفوذ شبكات الفساد في الدولة، تؤكد ما كنا نقوله باستمرار من أن تسييس الفساد ليس هو الحل و لا الطريق الصحيح لمحارية الفساد.
و قمع المعارضين لمجرد انتقادهم السلطة أو التعبير عن مواقفهم ضدها، إنما يعكس خللا في السلطة ذاتها التي لا يجوز أن يكون أداؤها فوق النقد و التصويب.
فـ (كلُّكُم خطَّاءون وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ).