تحقيق: شبهات فساد تحوم حول اقتناء اللقاحات في الجمهورية...

جمعة, 13/08/2021 - 21:14

الراصد/: منذ بداية جائحة كورونا 2019 بدأ العالم العمل على البحث عن لقاح لمواجهة الفيروس، وقد أنتجت عدة دولة لقاحات تنافست على توزيعها، بعدة طرق، منها ما كان غالي الثمن وغير متوفر بشكل كافي، ومنها ما كان متوسط السعر، إلا أنها لم يكن من بينها ما ثبتت فعاليته وقل ثمنه لتتمكن الدول الفقيرة حول العالم من اقتناءه.

تلك التراتبية بين الدول وقدرتها المالية على اقتناء اللقاحات دعت منظمة الصحة العالمية إلى استحداث منظومة تسمح للدول الفقيرة بالحصول على لقاحات كورونا بشكل ميسر، وهو ما استدعى في بداية العام 2020 إلى التساؤل عن كيفية بيع اللقاحات، ذلك التساؤل جاء الجواب عليه في آلية “كوفاكس” وهي حسب ما نشرته منظمة الصحة العالمية عبارة عن تعاون بينها ومجموعة من المؤسسات النشطة في مجال الأدوية حول العالم إلى تيسير الحصول على اللقاحات عبر منظمة الصحة العالمية.

وللدخول في تفاصيل التقرير، سنجيب على بعض الأسئلة الأساسية والضرورية لفهم ماهية هذه العملية:

هل اللقاح المقدم في إطار كوفاكس مجاني ؟

لا توفر آلية “كوفاكس” اللقاح مجانا، لكنها توفره بسعر مخفض، وتدفع الدول الفقيرة 10 دولارات مقابل كل جرعة اي حدود 378 أوقية جديدة 3780 أوقية قديمة.

هل يمكن الجمع بين لقاحين ؟

طبعا لا فقد حذّرت منظمة الصحة العالمية من الجمع بين لقاحات فيروس كورونا التي تنتجها شركات مختلفة، واصفة هذا التوجه بأنه خطير بسبب قلة المعلومات عن تأثير ذلك على الصحة.

وقالت كبيرة العلماء في المنظمة سوميا سواميناثان إن الوضع سيكون فوضويا في البلدان، إذا بدأ المواطنون اتخاذ قرار أخذ جرعة ثالثة وتحديد من يتلقاها. (المصدر الجزيرة بتاريخ 23/07/2021)

هل يمكن معرفة تاريخ انتهاء صلاحية اللقاح:

نعم، يوجد على غلاف اللقاح تاريخ انتهاء صلاحيته، بالشهر والسنة (07/2021) مثلا.

كم عدد الجرعات التي يجب أخذها من لقاح واحد؟

على الأكثر جرعتان، وبالنسبة لبعض اللقاحات جرعة واحدة كجهنسون آند جوهنسون أو (جاسان) كإسم مختصر.

كم عدد الجرعات المحجوزة لموريتانيا ضمن برنامج كوفاكس؟

الجرعات المحجوزة لموريتانيا في إطار برنامج “كوفاكس” 300 ألف جرعة، وصلت منها حمولتين واحد من 69600 جرعة من كوفيشيلد/آسترازينيكا و32000 ألف من نفس اللقاح، ومن المنتظر أن تصل إلى موريتانيا ـ حسب منظمة الصحة العاليمة في مرحلتها الثانية، 150.000 جرعة. المصدر “غافي”

كم دفعت موريتانيا مقابل هذه الجرعات؟

لم يذكر تقرير اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة صندوق كورونا (صدرت منه نسختان “إبريل ويونيو”) كم دفعت موريتانيا في إطار برنامج “كوفاكس” خاصة فيما يتعلق بالجرعات القادمة من لدن منظمة الصحة العالمية وشركاؤها والتي سيتبين لاحقا أنها صنعت في الهند.

لماذا مبادرة “آفات” (منظمة الوحدة الإفريقية) :

مباردة “آفات” أنشأها الإتحاد الإفريقي بعد تأكده من عدم قدرة مبادرة “كوفاكس” على توفير اللقاحات بالعدد المطلوب لتحصين سكان القارة الإفريقية.

لكن صوت أنواكشوط حصلت على معلومات عبر بحثها نشرت في تاريخ 29/03/2021 على موقع بنك “آفركسيم بانك” والواقع مقره بالقاهرة حول هذه المبادرة التي فيما يبدو أنه يقوم بتمويل شراءها لإقتناء 400 مليون جرعة من لقاح جونسون آند جونسون الأمريكي.

وذكر الموقع أيضا أن تكلفة عملية الإقتناء تصل إلى 2 مليار دولار أمريكي وهو ما يعني أن تكلفة الجرعة الواحدة 5 دولار أمريكي فقط.

علاقة موريتانيا بمبادرة “آفات”

هذه المبادرة لم يتم الحديث عنها سوى في خرجة مقتضبة لوزير الصحة الموريتاني السابق محمد حامد نذيرو، وقت إطلاق الرئيس الموريتاني للحملة الوطنية للتلقيح ضد كورونا:

 أظهر تقرير اللجنة المكلفة بمتابعة صندوق كورونا لشهر إبريل المنصرم أن تكلفة شراء الجرعة الواحدة 10 دولار أمريكي فيما يتعلق باقتناء جونسون أند جونسون حسب الفاتورة (أنظر أدناه) وتم سداد مبلغ 795660 دولار أمريكي إلى غاية 31 يونيو، حسب تقرير نفس اللجنة لشهر يونيو

أما في برنامج “آفات” فستدفع موريتانيا مبلغ إجمالي قدره 2.652.200 دولار أمريكي أي ما قدره 100 253 160 أوقية جديدة، 1.002.531.600 أوقية قديمة، حسب ما ورد في تقرير صندوق كورونا لشهر إبريل، وسددت موريتانيا إلى غاية 31/06/2021 دفعتين بنسبة 15% لكل دفعة، ودفعت هذه الأقساط في مصرف “آفركسيم بانك” ولصالح “آفات” الموجود مقرها في جزر الموريس حسب الفاتورة، وبلغ مجموع ما دفعت موريتانيا 765.660 دولار أمريكي، اي 28.941.948 أوقية جديدة أي 289.419.480 أوقية قديمة.

وحسب البرنامج ستدفع موريتانيا نهاية شهر أغسطس مبلغ قدره 382.830 دولار أمريكي، أي ما قدره بالأوقية الجديدة 14 470 974 أي 144.709.740 أوقية قديمة.

هذه المبالغ مدفوعة للحصول على لقاح جونسون آند جونسون (كما هو مبين في الجزء السفلي من الفاتورة) في إطار مبادرة “آفات” التي ذكرها الوزير السابق نذيرو وكان من المقرر أن تصل خلال 18 شهرا حسب ما قال الإتحاد الإفريقي.

وقد وصلت منها الدفعة الأولى يوم 01/08/2021، حيث أكدت السلطات الموريتانية أنها في إطار مبادرة “آفات” و “كوفاكس”، لكن السفارة الأمريكية قالت إن الكمية التي وصلت إلى موريتانيا 300200 جرعة من نفس اللقاح، جاءت كهدية (مساهمة) من الولايات المتحدة الأمريكية، ضمن برنامج “آفات” و“كوفاكس” حسب ما صرحت به السفارة الأمريكية بأنواكشوط على صفحتها على التواصل الإجتماعي.

فلماذا تدفع موريتانيا ل”آفات” كل هذه المبالغ ما دام اللقاح هدية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية؟ سؤال يثير مخاوف من عملية فساد.

ما هي كميات اللقاحات التي وصلت إلى موريتانيا إلى غاية اليوم؟

5000 جرعة من لقاح مجهول لم يتم نشر معلومات حوله، أعلنها الرئيس الموريتاني يوم 01/01/2021 وهي أول دفعة. ووعد الرئيس ولد الغزواني، آنذاك بوصول 800 ألف جرعة لكن ذلك لم يحصل أبدا.

25000 جرعة من لقاح سينوفارم الصيني كهدية من الصين.

50000 جرعة من لقاح سينوفارم الصيني كهدية من الصين.

280000 جرعة من سينوفارم الصيني كهدية من الصين

69600 جرعة “ذكر تقرير اللجنة المكلفة بمتابعة صندوق كورونا أنها من كوفيشيلد/آسترازينيكا” لكن السفير الهندي قال إن هذه الكمية ستصل إلى موريتانيا يوم 14/04/2021 وأنها من لقاح “كوفاكسين” الهندي؟

هل هذه الجرعة من “آسترازينيكا” أم أنها من “كوفاكسين” ؟

في 8 ابريل المنصرم وأثناء تقديم أوراق اعتماده كسفير للهند بموريتانيا قال السفير آنجاني كيمار إن 69600 جرعة من لقاح “كفاكسين” ستصل إلى موريتانيا خلال الأيام القادمة في إطار تطوير ما أسماه العلاقات بين البلدين (تابع الفيديو).

وبرجوعنا إلى موقع وزارة الخارجية الهندية فإنه في تاريخ 12 إبريل تم إرسال نفس الكمية أيضا إلى موريتانيا و في إطار إتفاقية “كوفاكس” التي تديرها منظمة الصحة العالمية مع مجموعة من الشركاء (أنظر الصورة).

و في 14 إبريل بالضبط وصلت شحنة إلى أنواكشوط تسلمها الوزير السابق للصحة نذيرو ولد حامد ولكنه اعلن عن أنها من لقاح “استرازينيكا” بنفس الكمية من لقاح “كوفاكسين” التي أعلن عنها قبل ذلك سفير الهند الجديد

الجزء الثاني من هذا التحقيق سيتحدث عن بعض المعلومات التي وردت عن بعض اللقاحات التي اقتنتها موريتانيا كما سيتحدث أيضا عن إعدام اللقاحات وتكلفة هذه العملية، وسيثير عدم تجاوب وزارة الصحة مع رسالة صوت أنواكشوط حول الموضوع، وكذلك مستوى تطور الحملة الوطنية للتلقيح على مستوى موريتانيا ومقارنتها بدول الجوار.