الراصد : تعاني المرأة في موريتانيا من تنامي ظاهرة العنف، لا سيما زيادة معدلات الاغتصاب، وسط غياب التشريعات والقوانين.
و يقول مراقبون إن ظاهرة العنف ضد المرأة لا تزال قائمة، رغم المحاولات الحكومية والمجتمعية للقضاء عليها، مؤكدين أن تنامي هذه الظاهرة جاء بسبب ضعف التشريعات والقوانين الرادعة.
العنف ضد المرأة
وفي مطلع عام 2021، قالت الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل، إن عام 2020، الذي اتسم بجائحة كورونا، شهد تضاعفا في عدد حالات العنف الجنسي في البلاد.
وبحسب الجمعية، فقد سجلت موريتانيا في العام الماضي أعلى رقم لضحايا الاغتصاب منذ العام 2002، حيث تم تسجيل 1269 حالة عنف خلال العام المنصرم، 351 منها ضحايا اغتصاب.
وأشار التقرير إلى أن الجمعية سجلت 14 حالة اعتداء جنسي للفئة العمرية أقل من 5 سنوات، و62 حالة للفئة ما بين 11-16 سنة، و129 حالة للفئة 16-18 سنة، بينها 21 حالة اغتصاب للأطفال الذكور.
وقالت الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل إن “العنف الموجه ضد النساء والأطفال، يتم التكتم عليه في موريتانيا، حيث تعتبر العادات والتقاليد وثقافة المجتمع أخطر ما يغذي هذه الظاهرة بأصنافها المتعددة”.
كما شددت الجمعية على أنه “من الملح العمل على تغيير العقليات، من أجل أن تكون حقوق المرأة والطفل محمية، ولكي يحترم المجتمع تلك الخصوصية”.
وقبل أسبوعين، أطلقت زوجة الرئيس الموريتاني المرحلة الثانية من مشروع تمكين المرأة والعائد الديموغرافي في منطقة الساحل بموريتانيا، وهي المرحلة التي تستمر لأربع سنوات، ويمولها البنك الدولي بمبلغ 60 مليون دولار.
واقع مؤلم
أكدت سهام حمادي، منسقة برنامج الحماية في الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل أن ملف العنف ضد المرأة في موريتانيا لم يشهد أي تقدم، وحديث السيدة الأولى عن ضرورة مواجهة هذه الظاهرة مجرد شعارات، مضيفة: “إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية الوضع سيتغير”.
وبحسب حديثها لـ “سبوتنيك”، زادت وتيرة العنف الموجه ضد النساء في موريتانيا، خاصة العنف الجنسي، والإحصائيات كافية لدق ناقوس الخطر في المجتمع.
وأشارت إلى أن التشريعات الحالية (القانون الجنائي) يعاقب المغتصب بالسجن لمدة عشرين عامًا، ولكن هناك ثغرات قانونية، والتي تتمثل في عدم تعريف القانون الاغتصاب ولا الاعتداءات الجنسية.
وترى أن التشريعات الحالية ليست كافية، لأن البرلمان لم يصادق على قانون مناهضة العنف ضد النساء، الذي أقره مجلس الوزراء لسنة 2020.
وأوضحت أن سبل مواجهة ظاهرة العنف ضد النساء تتمثل في المصادقة على القانون الموجود حاليًا في البرلمان، ووضع استراتيجية أو خطة وطنية لحماية النساء من العنف.
قوانين وتشريعات فقيرة
بدوره اعتبر الدكتور أباب ولد بنيوك، عضو مجلس النواب الموريتاني، أن ظاهرة العنف ضد النساء يشكل أحد أهم موضوعات العمل الجمعوي، ولعبت المنظمات والجمعيات المحلية دورًا كبيرًا في إظهار هذا الملف ولفت الانتباه إليه وكشف كل أشكال الممارسات غير الأخلاقية واللا دينية التي تتعرض لها المرأة.
وبحسب حديثه كان هذا التحرك سببًا في العديد من مشاريع القوانين التي قدمتها الحكومة، ثم تراجعت بحكم ضغط التيارات المحافظة، ولا شك أن حضور السيدة الأولى في مقدمة النشاطات المناهضة للعنف ضد المرأة ودفاعها عن حقوقها وحرصها على وجود تشريعات تحمي المرأة سيكون عملا مهما.
ويرى ولد بنيوك أن موضوع العنف ضد المرأة من بين المواضيع المسكوت عنها، والتي ظلت إلى عهد قريب تدار بشكل خجول، ويتم التعتيم على كل ما يجري بشأنها، سواء من طرف الضحية (المرأة) أو الرجل على حد سواء، بحكم طبيعة المجتمع، فالمجتمع الموريتاني ذكوري بطبيعته.
وفيما يخص التشريعات والقوانين التي تواجه هذه الظاهرة، يعتقد عضو مجلس النواب الموريتاني، أن التشريعات والقوانين الخاصة بالعنف ضد المرأة في موريتانيا لا تزال فقيرة وبحاجة إلى مراجعة وإضافات كبيرة وتحصين.
وتابع: “الظاهر أن النقاش بهذا الخصوص سيأخذ وقتا بحكم التباينات الكبيرة بين من يؤيد حضور المرأة ويسعى إلى سن قوانين لحمايتها ومن يرى عكس ذلك”.
وقبل عامين، وقع مئات الموريتانيين على عريضة إلكترونية تطالب بإجراء تعديلات على قانون تجريم الاغتصاب، وذلك بسن نصوص تحث على “استخدام وسائل طبية حديثة لإثبات جريمة الاغتصاب، وعدم التعامل مع هذا الجرم كحالة زنا ومع الضحية كمشتبه بها”.
وتحدد المادة 24 من القانون الجنائي الموريتاني للطفل عقوبة الاغتصاب من 5 إلى 10 سنوات في حين يحدد القانون الجنائي عقوبة الاغتصاب للبالغ بالأشغال الشاقة المحددة أقصى عقوبة لها 20 سنة.
وكالات