الراصد: ثلاثة وسبعون عاما مرت على المأساة العربية في فلسطين و نكبة يواصل فيها العدو تشريد شعب بكامله وهدم معالم مجتمعه السياسية والاقتصادية والحضارية القائمة منذ آلاف السنين، ويسعى لطمس معالم وأعلام ارضه وشواهد حضارته وتبديلها بطلاسم مستلة من سفر الاساطير الخرافية المؤسسة للكيان الصهيوني والتمادي في صنع مشهد بالزيف وبالقوة لا صلة له بالأرض ولا الإنسان على الجزء المعروف من أرض العرب ببلاد الشام .
ما جرى منذ 15 مايو 1948 كان نكبة وسقوطا لا يقل مرارة وأذى عن سقوط بغداد الأول على يد المغول 1258 والاندلس بعدها في 1492 وضياعها وسلخها قهرا وتشريدا من الجسد العربي والاسلامي.
انتزعت النكبة الفلسطينية أغلى ما عز لدي الأمة من جاه ومال وتاريخ وكنوز آثار على أرض بارك الله شأنها ونبيه و بارك فيما أنبتت من زيتون وصنوبر وأرز وسنديان وبارك فيما أظلها من سماء وكنفها من أفياء شهدت محطات الاسراء والمعراج المباركة وولدت على اديمها الطاهر أرواح الانبياء والرسل ودفنت اجسادهم في ثراها و اقيمت فوقه أولى دور عبادة الخالق ومهوى أفئدة الحواريين وتضرع انصار الله وأحبائه الدائم إليه . .
وكما أكدت دروس التاريخ المطردة بان اهل فلسطين من ارض فلسطين وخارجها ظلوا عبر الحقب يستعيدون ارضهم وينتزعون كل شبر منها من أيدي الغاصبين تأتي ذكرى النكبة ونحن في خضم انبثاق حلم وضوء جديدين أوقدت بركانهما انتفاضة المقدسيين التي هبّت لحمايتها لعلعة رصاص مقاومة نقلت الامة من لحظات يداهم فيها العجز والتآكل نفوس بعضها ويدفعه للبحث عن السعادة في بيوت الموتى والتماس الأمن و الامان بين الوحوش الضارية إلى حلم يترجمه رجال مصممون على انتزاع احترامهم وحقوق شعبهم من مخالب التنين واقتحام مغارة الوحش والفتك به بدل استجداء عطاياه والهرولة اليه بيد منزوعة السلاح ونفس منهارة يتكاثف في عيونها الظلام وسط صحراء فسيحة من الضوء والامل ظلت متقدة عبر الحقب تنجب أرحام نسائها الجبارين ويرضعن الفروسية وشجاعة وزهو المحررين وتنشد عذاراها أقانيم البطولة ويسدلن الرموش انتظارا لحاملي سيوف جُهزت نصالها للدفاع عن الامة ودورها الرسالي الخالد عبر كل الأزمنة والحقب .
-الصواب-