الراصد: في سابقة من نوعها ....
تقدم عضو رابطة الدبلوماسيين الموريتانيين والأمين العام للمكتب التنفيذي الجديد عبد الله حدو بدعوى قضائية أمام الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا ضد وزير الخارجية اسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي يتهمه صاحب الدعوى بالقيام بتعيينات على أسس جهوية وزبونية وهو ما يخالف بشكل صريح النظام الأساسي للوظيفة العمومية ومراسيمه التطبيقية، حيث تنص المادة 51 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية ومراسيمه التطبيقية على أن أي اكتتاب لا يتم بواسطة مسابقة عامة يعد لاغيا وعديم المفعول ويمكن سحبه في أي وقت كما أن المرسوم 75/93 المتضمن الهيكل التنظيمي للادارات المركزية اشترط في وظائف الإدارة المركزية أن يكون المقترح للتعيين موظفا عموميا من فئة "ا" كما أن المرسوم رقم: 185/2008 المتعلق بوظائف تأطير الإدارة ينص على شروط فنية واضحة للتعيين في مختلف تلك الوظائف الأمر الذي كانت تعيينات الوزير مناقضة له بدرجة كبيرة، وقد أحالت المحكمة العليا عريضة الدعوى إلى وزير الخارجية الأسبوع الماضي وأمهلته 30 يوما للرد، وحسب مصادرنا فقد استدعى الوزير المستشار القانوني للوزارة وطلب منه إعداد جواب للمحكمة، فرد عليه بأن موقف الوزارة غير قانوني وأنه أبلغهم بذلك قبل القيام بتلك التعيينات وأنه غير مستعد لتبرير مثل تلك الأفعال، فرد عليه الوزير بأن الرئيس هو من أمره بتلك الإجراءات فأجابه المستشار بأن الإدارة مكتوبة وأنه كان عليه أن يخبر الرئيس بأن تلك التعيينات غير قانونية وان أصر على إجرائها يطلب منه أمرا مكتوبا بذلك ليتشنج الحوار بعد ذلك ويخرج المستشار القانوني مغاضبا ويدون على صفحته على الفيس عن "احدير البوجة وجهل بعض من يتولون الإدارة العليا في البلد وسوء تقديرهم لعواقب أفعالهم مضيفا أن بعض هؤلاء لا يملك من الشهادات إلا شهادة الميلاد.
تدوينة المستشار ( سابقة من نوعها هي أيضا ) :
Ça vient d'en haut !
الموظف و حرية التعبير
كتبت أكثر من مرة على هذه الصفحة عن واجب التحفظ مبينا معناه و مقتضاه و شارحا بالأدلة القاطعة أصوله و تطبيقاته الفقهية في القانون الاداري و موضحا بأنه يجسد في الأصل حياد الإدارة العمومية المراد لها أن تخدم المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية و عن صراعاتهم الاجتماعية كما أن واجب التحفظ يرتبط بالانضابط الإداري و بالالتزام و الجدية و كتمان السر المهني إلى غير ذلك من القيم المعيارية لسلوك الموظف المثالي .
و من الطبيعي أن يقود الحديث حول واجب التحفظ إلى ذكر التعارض بينه و بين حرية التعبير التي تعتبر في سجل الحريات العامة بمثابة ام الحريات ..
الا ان مجرد ذكر حرية التعبير بالنسبة لوكلاء الإدارة العمومية يثير عادة حفيظة حماة معبد الصمت و اصنام المصالح الضيقة المتحكمين في مفاصل الدولة الاخذين بمذهب هذا مقام السكوت من قال الحق يموت و هم طبعا من الذين لا تروق لهم الجراءة في التعبير عن الآراء و لا تعجبهم الثرثرة و كثرة الكلام . و هم مصدر البلاء و الوباء و الغلاء .
.. اما الكتابة التي تعتبر اصل الإدارة.. فكما هو معلوم الإدارة تكون مكتوبة أو لا تكون.... فهي بالنسبة لهؤلاء السم القاتل و يتعين تجنبها مهما امكن في مجال الأمور المهمة كمعرفة ما يلزم قانونيا لاتخاذ القرارات أو السعي الي الاطلاع علي اتجاهات الرأي حول مسألة مطروحة ..إلى غير ذلك من الدراسات التقنية المفيدة بالراي الناصح و المعينة على اتخاذ القرار الصالح و التي تتطلب خبرة في التعبير بالكتابة..
لقد ابتلينا يقوم نافذين يريدون منا أن نسى الكتابة و القراءة و الحساب...
لذلك افتقدت الإدارة المورتانية مذ عقود عادة الكتابة و الصياغة الجوهرية و صار التحرير الإداري محصورا في شكليات خاوية قد تسند الي اي وكيل لا يملك من الشهادات سوى شهادة الميلاد...
و هكذا انتشر الظلم المسكوت عليه في الإدارة و صار يراد للموظف الذي تم تكوينه و اكتتابه او تعيينه لاداء مهمة ادارية ان لا يمارس حقه في التعبير عن الظلم و عن خرق القوانين و النظم الإدارية إلى غير ذلك من الاختلالات البينة التي يعترف الجميع بوجودها...
طبقا للقانون الذي يجيز التظلم الطواعي و المقاضاة ... كما انتشرت التفاهة في صفوف الموظفين المغلوببن على أمرهم بفعل ترسيخ نفسية المن و الاذاء بدل مبدأ المكافأة و العقوبة ..
و لقد تم ذلك بعد ترسيخ حجة " هذا ات من فوق " ça vient d'en haut
و هي حجة أدت الي ما يعرف شعبيا " باحدير البوجة "" أو انحطاط الدرجات والتهرب من المسؤوليات في الإدارة العمومية....
انها حقيقة الكارثة التي أدت إلى العجز الكبير في أداء الإدارة العمومية و إلى تحطم معنويات العاملين فيها
هذه مجرد إشارات ..و من نور الله عقله بالفهم فالاشارة تكفي بخصوص الصعوبات التي يعاني منها الموظف في التعبير عن ما قد يتعرض له داخل إدارته .
...و من المهم التذكير بها في سياق الحديث الجاري عن إصلاح الإدارة عبر برامج تكوين الموظفين..
عبد القادر ولد محمد
من صفحة المدون /حسن آب