كيف نساهم في اختفاء خطاب الكراهية والتطرف...

سبت, 02/01/2021 - 07:23

الراصد: الحديث عن ظهور خطاب الكراهية بين الأشقاء يستدعي منا البحث عن أسبابه وعلاجه ،من خلال الابتعاد عن إثارة تلك الأسباب ، ومن أهم تلك الأسباب عدم الاعتراف بوجود مشاكل بين الأشقاء ، والقفز على وتيرة  الاتهام بالعنصرية أحيانا وبالفئوية أحايين أخرى مما يزرع شُحنات يسميها البعض منا بخطاب الكراهية ويعتبرها أصحابها ردة فعل على مستوى التعامل مع آلامهم ، تماما مثل مَنْ يُكًسر مرآة شاهد فيها وجهه في صورة لا تعجبه فبدل من  أن يُحَسن من وجهه  اختار تكسير المرآة والحقيقة أن كل المرايا ستعكس له نفس الوجه  ما لم يقم بتحسين وجهه .

إن وسائل الإعلام في أي بلد مهما كان هي مرآة عاكسة لذلك البلد وعليه لا يمكننا أن نحجبها عن جهة ما لم تمس بالمقدسات الدينية والحوزة الترابية واللحمة الاجتماعية ،وإن حاولت وسائل الإعلام  ذلك تكون قد ساهمت في ظهور تلك الخطابات التي يعتبرها البعض منا مصنفة في إطار خطاب الكراهية   .

إننا نعيش في عالم مفتوح تنتشر فيه المعلومة انتشارا أسرع من سرعة الضوء ، تلك السرعة التي لا بد لنا من مسايرتها وإلا تجاوزنا القطار وبقينا نعيش خارج العالم في قفص مظلم .

إذا كنا جادين في محاولة تلطيف الأجواء بين  الأشقاء ،لابد لنا من حوار جاد يحضره كل من يرى أنه يشعر بالغبن  وبالنظرة الدونية ،وفتح المجال له من أجل طرح كافة المشاكل دون تحفظ على أي موضوع  .

أما التطرف فهو لغة   الغلو والإسراف أو الشطط بعيدًا عن التوسط والاعتدال الاصطلاح الاجتماعي: وهو الخروج عن المفاهيم والأعراف والتقاليد والسلوكيات العامة.

المفهوم الأمني والسياسي: هو الخروج علي القانون والدستور السائد إذ يختلف مفهوم التطرف من مجتمع لآخر، بل ويختلف مفهومه داخل المجتمع الواحد تبعًا للجهة التي تحاكم سلوك الشخص. أشكال التطرف: التطرف يمكن أن يوجد في أي مجال من مجالات الحياة، فمثلاً هناك التطرف السياسي [أقصي اليمين أو أقصي اليسار] والتطرف العرفي والتطرف الاجتماعي والتطرف الديني..الخ وأيا كان الشكل الذي يأخذه التطرف إلا أنه يمكن تقسيمه إلي ثلاثة أنواع توجد منفردة أو مجتمعة.

 أولاً: التطرف المعرفي وهو أن يتعلق الشخص إلي فكرة أو أفكار معينة، ولا يتقبل المناقشة أو إعادة النظر فيها، ويعتبرها من الثوابت المطلقة، وهو في هذه الحالة لا يلغي وظيفة عقله فقط في تمحيص هذه الفكرة أو الأفكار بل إنه يلغي أي رأي آخر مخالف، ولا يسمح لهذا الرأي أن يدخل مجال وعيه فضلاً عن أن يتفهمه أو يناقشه أو يتقبله..

 ثانيًا: التطرف الوجداني وهو شعور حساس طاغ نحو شيء معين يجعل الشخص مندفعًا في اتجاه معين دون تبصر، وربما يدفعه هذا الانفعال إلي تدمير نفسه أو غيره وربما يندم بعد ذلك حين تخف حدة هذا الانفعال .وبالتالي يعود إلي رشده وفي بعض الأحيان لا يحدث هذا وإنما يظل الشخص يشحن نفسه أو يشحن المجتمع بشحنات وجدانية هائلة تهدد بالانفجار في أية لحظة. 

ثالثًا التطرف السلوكي: وهو المغالاة في سلوكيات ظاهرية معينة بما يخرج عن الحدود المقبولة وكان هذه السلوكيات هدفًا في حد ذاتها ولذلك يكررها الشخص بشكل نمطي وهي خالية من المعني وفاقدة للهدف ولا يتوقف الأمر عند الشخص ذاته بل يحاول إرغام الآخرين علي التقييد بما يفعله هو قهرًا أو قسرًا، وربما يلجأ إلي العدوان علي الآخرين لإرغامهم علي تنفيذ ما يريد . 

أسباب التطرف:

 الأسباب البيولوجية : مثل: 

– الحرمان من رعاية أحد الأبوين أو كلاهما في سن مبكرة. 

- الحرمان الاجتماعي. 

- صدمة نفسية شديدة خاصة في الطفولة. 

– العلاقة المضطربة بالأقران. 

- اضطراب العلاقة بين الطفل ووالده أو بين الطفل ورموز السلطة في الأسرة أو في المدرسة أو في المسجد، وينمو هذا الصراع ويكبر ويصبح الشخص في صراع مع أي رموز للسلطة علي المستوي الاجتماعي أو السياسي، أو الديني وهنا يفسر لنا رفض الشباب للتطرف الانضواء تحت أية سلطة حتى ولو كانت رشيدة فهم يفضلون تكوين مجموعات ممن هم في مثل سنهم دون وصاية أو توجيه من مصدر أعلي.

وجود بعض الاضطرابات النفسية: أسباب اجتماعية ثقافية 

- انخفاض المستوي الاجتماعي والاقتصادي لأن الأسرة الفقيرة لا تستطيع أن تدعم أفرادها وأن تزودهم بمهارات التكيف الخاصة في وقت الأزمات. 

- التغيرات الاجتماعية أو الثقافية أو التكنولوجية السريعة ففيها يختل التوازن ، وتتداخل القيم والمفاهيم ويكثر التطرف. أسباب دينية

- اتساع الهوة بين القيم السائدة والقيم المعلنة مما يعطي رسالة مزدوجة للشخص تدعه في حيرة وقلق وهذا يجعله يشك في مصداقية من حوله، وبالتالي يصبح أكثر عدوانية المراهق في المدرسة أو المسجد الذي يعرف  أن الكذب حرام وأن الرشوة حرام وأن الظلم حرام وأن الخمر حرام وأن الربا حرام ومع ذلك يجد كثيرًا من هذه الأشياء سائدة في مجتمعه فيحدث داخله صراع مؤلم يحاول التخلص منه بتحطيم مظاهر الخروج علي القيم المعلنة حتى يستريح.

– استفزاز المشاعر الدينية من خلال تسفيه القيم أو ا لأخلاق أو المعتقدات أو الشعائر بالقول أو الفعل مع عدم إعطاء الفرصة للرد علي ذلك، مما يعني أن فتح وسائل الإعلام أمام الكل يساهم في الابتعاد عن نهج التطرف .كل هذه الأسباب مجتمعة لا بد من أن ،نأخذها بعين الاعتبار حتى نستطيع إزالة الموجود منها   . 

بقلم : شيخنا ولد الناتي