قرية تيفيريت تاريخ مع القمامة و قمع الأمن...

جمعة, 01/01/2021 - 09:16

الراصد/: بدأت قصة مكب تفيريت منذ العام 2008، حينما حصل الرئيس السابق للمجموعة الحضرية لانواكشوط على تمويل من البنك الدولي لإقامة مركز لمعالجة وتدوير القمامة وفق معايير صحية وصديقة للبيئة
لإقامة المركز المذكور منحت وزارة المالية قطعة أرضية لصالح المجموعة الحضرية تقع على بعد سبع كلمترات جنوبي قرية تيفيريت
تمت إقامة المركز الذي يشمل عدة وحدات للوزن والتدوير وحرق القمامة، بوسائل صديقة للبيئة ودون أي خطر حيث لم يكن السكان يشكون منه طوال عدة سنوات من إنطلاقه، وفق ما ترى المجموعة الحضرية.
يمتد المكب على طول أكثر من خمس كلمترات، ويشغل عشرات العمال، والآليات الكبيرة
اعترض بعض سكان القرية على منح الوزارة لأراض يعتبرونه تابعة لهم، قبل أن يرضخوا لذلك.
تجددت الاحتجاجات خلال رئاسة السيدة اماتي بنت حمادي، قبل أن تتوقف بعد ذلك

 وفي فترة لاحقة زاره الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وأكد أنه لم يلاحظ له أي خطر على السكان.

بعد وصول الرئيسة الحالية لجهة نواكشوط فاطمة بنت عبد الوهاب رفع سكان القرية دعوى قضائية وزارة المالية لمنحها أراضي تتبع للقرية لصالح المجموعة الحضرية، ونالوا حكما قضائيا ببطلان قرار المنح، فيما تذهب مصادر من المجموعة الحضرية إلى أن الشكوى جاءت بعد خلاف شديد بين بنت عبد المالك وبعض وجهاء القرية نتيجة قطعها لعقود عمل كان يتمتع بها قلة من أفراد القرية.

قرية تحت سطوة القمامة

في فترة لاحقة منحت الدولة صفقة تنظيف العاصمة نواكشوط لصالح شركة مملوكة لعدد من رجال الأعمال، وبنسبة أكبر لمجموعة أهل حمود التجارية، حيث يتولى إدارة الشركة رجل الأعمال المصطفى ولد حمود.
خاض ولد حمود صراعا قويا مع جهة نواكشوط، معتبرا أن العقد المبرم بينه مع وزارة الداخلية يمنحه تلقائيا تشغيل مركز معالجة القمامة، وهو ما رفضته رئيسة الجهة بشكل قاطع.
بعد كثير من الصراع والنقاش، منحت وزارة الداخلية المركز المذكور لصالح الشركة المعنية، وتولى مدير التجمعات المحلية رفقة والي الترازرة تنفيذ المنح المذكور
وهو ما أثار بقوة غضب منت عبد المالك، قبل أن يثير خلافا قويا بين الوزير الأول السابق ووزير الداخلية، حيث اتهم الأخير بالانحياز إلى رجل الأعمال، فيما يتهم ولد بده بالانحياز إلى جهة نواكشوط.

وقد أمر الوزير الأول السابق بإعادة ملكية المكب ومركز المعالجة إلى جهة نواكشوط مبطلا بذلك قرار وزير الداخلية
وضعت جهة نواكشوط شروطا لاستغلال مركزها، وتتضمن دفع رسوم لها عن طن القمامة، مع بقاء عمالها المتخصصين في إدارة المكب ومعالجة النفايات.
رفض مدير شركة النظافة المصطفى ولد حمود الاستجابة لذلك، وحصل على حل جديد، وهو قطعة أرض جديدة تقع على مقربة من قرية تيفريت والمكب القديم، وأشرف والي الترارزة على منح القطعة الجديدة وتحديد معالمها
هددت بنت عبد المالك بتنظيم مؤتمر صحفي احتجاجا على تصرفات وزارة الداخلية وأبلغت احتجاجاتها للجهات المشرفة على ملف النظافة في البلاد.
أقامت الشركة سياجا لتجميع القمامة، وخلال أقل من شهرين تجمعت جبال من القمامة، خصوصا أن العاصمة نواكشوط تصدر إلى مكب تفيريت ما بين 105-120 شاحنة محملة بالقمامة يوميا.
أحرقت شركة النظافة جبال القمامة المذكورة، بعد أن أغرقت قرية تيفريت والقرى المجاورة له برائحة العفونة، ولاحقا برائحة الدخان الذي تسبب في اختناقات هائلة لعدد من سكان القرية، وخصوصا المسنين والأطفال
لجأ السكان إلى المجموعة الحضرية التي اعتذرت لهم من جديد بأنها غير مسؤولة عن المكب الجديد، معتبرة أن المكب القديم غير عامل الآن بسبب تحويل ملف النظافة من جهة نواكشوط إلى وزارة الداخلية.
وبعد احتجاجات كبيرة، تعرض خلالها سكان القرية لقمع شديد من قوات الدرك، أعلن وزير الداخلية إغلاق المكب، قبل أن يعود إلى العمل من جديد.
خلال فترة التوقف أقامت شركة النظافة مكاب جديدة في أطراف العاصمة، خصوصا في منطقة شمال نواكشوط، مثيرة بذلك شكاوى سكان توجنين ودار النعيم من رائحة حرق الدخان، إضافة إلى مكب آخر قرب فندق الأحمدي على شاطئ المحيط الأطلسي
وخلال فترة التوقف، تراكمت القمامة في أطراف العاصمة نواكشوط، وأمطر حكام المقاطعات التسع وزارة الداخلية بعشرات التقارير التي تشكو من تكدس القمامة والجيف والنفايات في العاصمة.
عادت الأطراف إلى التفاوض من جديد، حيث تتحدث مصادر متعددة عن قبول شركة النظافة من جديد لشروط جهة نواكشوط، بما فيها دفع الرسوم المحددة عن طن القمامة، والإبقاء على عمال المكب

شركات أجنبية تسعى إلى استغلال المكب
وفق مصادر خاصة لموقع ريم آفريك فقد سعت جهات شركة كندية إلى شراء المكب المذكور، وذلك من أجل تحويله إلى مصنع لإنتاج الطاقة الكهربائية عبر تدوير النفاية.
كما تقدمت شركة صينية أخرى بعرض مماثل من أجل إقامة مركز في المكب المذكور، لتجميع ومعالجة عبوات البلاستيك، ولا يزال العرضان على طاولة جهة نواكشوط في انتظار حل لا يلوح في الأفق لأزمة تفيريت.

وبين صراع جهة نواكشوط ورجال الأعمال تبقى قرية تفيريت واسطة القرى المتضررة من المكبين القديم والجديد، وتبقى صحة سكان القرية تحت سطوة القمامة المزعجة، وهم في مواجهة قمع الدرك

ريم آفريك