تنتشر ظاهرة الاغتصاب بشكل مفزع في موريتانيا في الآونة الأخيرة ، لتصبح شبحا يطارد كل فتاة ، حيث تتزايد حالات اغتصاب البنات بسرعة خيالية في معظم مدن البلاد و قراه ،فبحسب منظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المرأة ، قلما يمر يوم بدون ارتكاب جريمة اغتصاب أو أكثر .. تكون ضحيتها فتاة تم اختطافها عنوة من قبل أفراد أو عصابات تعودت ارتكاب هذا النوع من الجرائم و تمادت فيها بسبب انعدام قوانين رادعة في مثل هذه الحالات ، تحمي المرأة بصفة عامة و تمكن الضحية من حصولها على حقوقها المترتبة على جريمة كهذه و تعاقب المجرم على فعلته الشنيعة،حتى يكون عبرة لأمثاله ممن تسول له نفسه ارتكاب نفس الجريمة
تجاوز الاغتصاب الحد الى درجة قتل الضحية بدم بارد، فقد سجلت عدة حالات قتل و بأبشع الطرق لضحايا اغتصاب بمختلف الأعمار و في مدن عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر حالة قتل الطفلتين ابندا في الرياض و زينب حرقا بعد الاغتصاب !و حالة قتل ميمة في دار النعيم بعد اغتصابها الذي هز العاصمة نواكشوط في الأسابيع الماضية.
و تتوسع ظاهرة اغتصاب البنات لتشمل اغتصاب فتيات صغيرات دون العاشرة من العمر ، مما تسبب في حالة قلق لدى الأسر في عموم التراب الوطني من هذا الخطر الذي يتربص بناتهم من حين لآخر لا يميز بين الصغيرة و الكبيرة ،ولا النائمة في بيت أهلها ولا الذاهبة لدراستها كحالة الطفلة وردة (7 سنوات) وحتى التي تلعب في الشارع…
تعددت طرق اصطياد الضحايا ، و هوية المجرم ،و نوع الجريمة ، و كيفية تنفيذها ؛و تبقى الضحية واحدة : هي فتاة في مقتبل العمر أو طفلة صغيرة بريئة، ينتهي بها المطاف في تعداد ضحايا الاغتصاب دون وجود حل يقضي أو يحد من انتشار هده الجريمة النكراء.
و يرجع النشطاء في مجال حقوق المرأة من منظمات المجتمع المدني السبب في انتشار ظاهرة الاغتصاب إلى عدة عوامل أهمها : قلة القوانين الرادعة فعليا في حق جريمة الاغتصاب ، و عدم تطبيق الموجود منها و إن كان غير مرضي ؛ بحيث تنتهي أغلبية هذه الحالات بتسوية بين الطرفين ( أهل الضحية و المجرم ) . تكون الضحية فيها هي الفتاة المقهورة، كما يؤكدون أن أعدادا كثيرة من حالات الاغتصاب يتم التستر عليها و عدم رفعها للعدالة خوفا من الفضيحة ! وفي كل الحالات تبقى الضحية تعاني الأمرين : نظرة المجتمع لها و التي لا تخل من الازدراء و الذل و الإهانةة ، وحالتها النفسية التي تحتاج للكثير من الدعم و المؤازرة.
و قد لا تنتهي تداعيات الاغتصاب على الحالة المزرية للضحية و ما تعانيه من ضعف و قهر و تهميش وحدها ، ففي الكثير من عمليات اغتصاب البنات تنتج عنه حالات حمل تزداد معه معاناة الضحية بوجود طفل غير مرحب به في الأسرة و المجتمع كله ؛ لا يتمتع بحقوقه المدنية و لا يجد من يتحمل مسؤوليته ، .. غير تلك الأم المجروحة المنبوذة و المطرودة أحيانا بسبب جرم لم تتسبب فيه!! لا تجد من يقدم لها يد العون و المساعدة في ما تعانيه . باستثناء و وقفات و تنديدات موسمية مع ظهور كل حالة اغتصاب و تختفي إلى حين ظهور حالة أبشع منها.
دون أن يتحقق مطلبها الأساسي المتمثل في حق المرأة في الحماية و الإنصاف.
أو دعم و مؤازرة بعض المنظمات المحدودة ، وكذلك الوزارة المعنية أحيانا .
مما يتطلب تدخلا جديا و سريعا للحد من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة و المتزايدة بشكل رهيب في بلدنا و التي تتعارض مع قيمنا الدينية و الإنسانية ، و ذلك عن طريق سن قوانين رادعة فعليا تحمي المرأة و تضمن لها حقوقها كاملة ، و تعاقب المجرم عقوبة تتماشى مع مستوى جرمه ، و العمل على تفعيلها و تطبيقها بشكل صارم.
و كذلك إنشاء مراكز توفر الدعم النفسي و المادي اللازم للضحايا للتخفيف من معاناتهن و صراعهن المرير و العمل على تأهيلهن و تمكينهن من الدمج في المجتمع .
فبدون ذلك ستبقى كل طفلة و كل فتاة معرضة لخطر الاغتصاب.
خديجة عبد الله