الراصد : بعد ظهور أولى حالات الإصابة بهذا الفيروس الوبائي (جائحة كورونا العالمية ) في شهر آذار / مارس 2020 ظنّها الملاحظون والمعنيون من المتتبّعين في منظمة الصحة العالمية بأنها ليست سوى حالة مرضية عابرة كعبور سائحي موسم قطف ثمار النخيل (موسم الكيطنة) بمدينتي شنقيط المجد و أطار الأصالة الآدراريتين.لكن مع مرور الأيام وتعاظم انتشار هذه الجائحة وتكريس المؤسسات الإعلامية الكبرى عالميًا ؛ لمواكبة تطورات انعكاسات هذا الفيروس المعدي والقاتل وشيوع حالات الوفيات بالمئات في بداية المعاناة المجتمعية وبالآلاف لاحقًا ، فاضطرت الدول لإغلاق المصانع و المطارات والأسواق وتجميد غالبية الحركات و الأنشطة اليومية غير الضرورية ، فأصيب العالم بما يشبه حالة من الشلل المُطبق ، لم يعرف لها العلماء أيّ تفسير ، فأذهل المُنظّرون في المجال الصحيّ وفزعت الشعوب و المجتمعات وخصّصت المبالغ الهائلة من أجل التصدي لهذه الجائحة التي قهرت أعتا دول العالم فجعلتها في حالة من التخبّط بادية للعيان و في صورة قاتمة ربما لن تجد لها في المستقبل آفاق واعدة.
ومع تفاقم الظاهرة وتسجيل حالات بشكل متسارع في دول عديدة في العالم حتى القارّة السمراء لم تسلم من الاكتواء بنير هذا الفيروس العابر للقارّات ، ليخيّم على ربوعها بدءً بالجنوب و مرورًا بالوسط ووصولاً لشمالها ،حيث يتربّع بلدنا (موريتانيا) على مساحة شاسعة تفوق المليون كلم2 ،حيث صمدت ساكنة الشمال وهي تحبس أنفاسها إلى أن ظهرت أولى حالات الإصابة في حالة تشبه انفراط العقد ، لتتوالى الحالات بعد ذلك تِباعًا في جوّ من الصدمة و الدهشة من هول انتشار الإصابات من هنا وهناك ، رغم فرض إجراءات احترازية مدروسة ، ورغم الحديث عن الظاهرة بشكل مفصّل ومنتظم عبر وسائط التواصل الاجتماعي على تنوّع مشارب الفاعلين النشطين وراء تلك الحملات الواعدة التي ترمي إلى تأطير الساكنة وتحسيسها حول خطورة فيروس كورونا الوبائي و جعلها محصّنة أكثر من أيّ وقت مضى ؛ بفضل تسليحها بالأفكار الناجعة والنظريات اليانعة إلى أن جاءت البشرى السارّة ، الوليد الجديد الذي يعكس إرادة مشتركة ، يرى فيها الكل ذاته ، وبصمته لا لأجل الشهرة و لا التفخيم. بل طلبًا لتقديم الواجب تجاه الوطن و المجتمع في صورة رائدة في مجال العمل الجماعي البنّاء ورائعة ، أقلّ ما يمكن أن يُقال عنها أنها تحفة زمانها و أيقونة نظيراتها ؛ اقتبست من التنوّع الثري فهو سرّ نجاحها وندرة صلابتها وتميّز هَبّتها ،نُصرةً للساكنة وصونًا للوجه اللائق و المُشرّف للشباب وتجسيداً للمعنى الأسمى للمواطن الإيجابي.
لقد وُفّقت بحق ، بعدما تهافت عليها شركاء الشباب الإيجابيون وعيا منهم بحجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم تجاه الوطن و سعيًا منهم إلى الرفع من المستوى الفكريّ لدى الساكنة ،فجاءت أسسها متناغمة وعلى أكمل انسجام باعتبارها منبرًا توعويا صحيًّا وفكريًا ، لينهل من معينه الكل و يقتبس من سناه الجميع ،بمدينة أزويرات ، قلعة الشمال ،حيث تُشِعُّ النّفس المخلصة للوطن والوفية للمجتمع وقضاياه لتُبقى على كبريائها الوجداني ،وهي تُطلُّ من شرفة العزّ و الكرامة.
تُرى تسابق مرّ دقائق الأشياء المتسارعة في زمن جائحة كورونا الوبائية ؛ كفيروس اجتاح العالم على حين غرّة ، فأُذْهل القويّ قبل الضعيف وكان على المستوى الحصري محل مواجهة و شحذ همم طموحة و إقدام ، انطلاقًا من إرادة الشباب الصلبة والتوجيهات السّامية التي تفضّل بها الغيورون على سلامة المجتمع بصفة عامة و صحة الساكنة ازويراتية بشكل خاصّ.
كما أضاف منبر أزويرات في وجه كورونا الواتسابي الذي عزّزته واجهة فيسبوكية مباركة ، حيث تترى رؤى ووجهات نظر ناجعة وتتشكّل فصول مواجهة صيغت وفقًا لأحسن توجيه ؛ بغية مدّ الأفراد بأفكار معاصرة و نظريات حديثة تمكّنهم من المواجهة السليمة حتى التصدي المشهود لهذا الفيروس القاتل الذي دوّخ المجتمعات قاطبة ، بمعاصرها ومتخلفها على تباعدها من حيث الإمكانيات الاقتصادية ومستوى التقدّم التكنولوجي – تعدّدت الأشباب والموت واحد – لكن كورونا لم تترك للهوة مكانا ، فاضطر الجميع إلى مدّ الجسور والتقارب الضروري تسهيلاً لتبادل الخبرات والمعدات والأدوات اللاّزمة التي تم تطويرها و اللجوء إليها في سياق الحرب و التصدي للجائحة المعاصرة التي أقلقت ساكنة المعمورة بصفة منقطعة النظير اعتبارًا للمنظور القريب.
عطاف عبد الرحمن اندور.