يجب نقل معركة نقاش "التابوهات" إلى الإعلام المرئي والمسموع، لأن منصات التواصل الاجتماعي - رغم أهميتها وتأثيرها الملموس - ما زالت مجموعات واسعة من الشعب وخاصة الفئات المستهدفة بالتنوير بعيدة عن محتواها وما يدور عبرها من نقاشات مهمة جدا، كان لها الدور البارز في أماطة اللثام عن قضايا مجتمعية ظلت طي الكتمان ومسكوت عن تداولها مما أسهم في ترسيخ مفاهيم خاطئة وممارسات خطيرة أعاقت حركة تطور المجتمع.
... لماذا لا تتم مناقشة القضايا التي تكبل المجتمع وتعيق مسيرته التنموية نحو غد أفضل .. ( العبودية - العنصرية - الإغتصاب - الفئوية بكل أنواعها - التمييز ضد المرأة والطفل - الشعوذة والنصب والاحتيال باستخدام الدين، تحديد مفهوم المقدسات ) .. نقاش كل تلك القضايا على أثير الإعلام المرئي والمسموع العمومي والخاص - وإن رأى البعض إنه لن يفيد في شيء أو بأنه لا يشكل أولوية ملحة في مسيرة التنمية في الوقت الراهن - فإن البعض الآخر يعتبر أن تنقية روح المجتمع من الأغلال التي تكبلها سيسهم لا محالة في خلق ظروف صحية وأرضية سليمة لتقبل برامج ومناهج التطوير والنهوض بالمجتمع. فكيف نحارب معضلة العبودية في حين يرى البعض أنها جزء من العقيدة ؟ وكيف نؤمن مجتمعا خالٍ من الأمراض العقلية والعصبية في حين نعتبر كثيرون أن مس الجن والسحر هي أسباب تلك الأمراض؟ وان إيماننا بذلك جزء من عقيدتنا الإسلامية ؟ كيف ننشر الوعي الصحي في مجتمع يتحكم في عقول أفراده وعلى وجه الخصوص متعلميه أشخاص يعتبرون ان الله وهبهم قدرات ومعجزات لم يهبها للرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام ولا لصحابته ؟ كيف نهتم بالأطفال ونحن نسمح بتشغيلهم، وتسربهم من المدارس؟ يشاهدهم المعنيون بقضاياهم والمسؤولون عن تطبيق قانون عدم تشغيلهم وعدم التمييز ضدهم وهم على عربات الحمير بالشوارع دون أن يحركوا ساكنا ؟ لماذا ندعي احترام المرأة ومنها دستوريا 20% من مقاعد البرلمان في حين يساوي قضاؤنا بين المرأة المغتصبة ومغتصبها؟ ويتهم من تعرضت للاغتصاب بانتهاك حرمات الله ؟ لماذا لا نتحدث بصراحة عن التمييز في التعيين والتمييز في ولوج المسابقات والمدارس النموذجية، وإيضاح الملابسات حول ذلك، وإعطاء الفرص لكل من يشك انه ضحية أن يتكلم عن حاله ؟ حينها سيعرف الجميع الحقيقة التي كانت ولا زالت غائبة، وغيابها هو السبب في الكثير من الاحتقان الذي يعيشه المجتمع ؟ ماهو المقدس الذي يجب الوقوف دونه وعدم تدنيسه؟
لقد استطاعت مجتمعات كثيرة التغلب على مشاكلها الداخلية بطرحها للعلن، وعدم التواري خلف صور براقة يعتقد من يصلهم نور لمعانها أنها تمثل الحقيقة المطلقة؛ في الوقت الذي يعتقد غيرهم ممن لا تصلهم منافعها بأنها مجرد صورة خادعة تختفي ورائها حقائق مخجلة بل مخيفة !
المثل الحساني يقول "المشروحة ما تخنز".
كامل الود