نص خطاب بيرام بمناسبة تقديم ترشحه

اثنين, 29/04/2019 - 23:38

مواطنيّ الأعزاء،

لقد وفيت للتو بعهد قطعته على نفسي،
وأنا أزعم أنني سأضع حدا للانحرافات التي لم يتوان النظام السياسي في موريتانيا عن إعادة إنتاجها على مدى عقود.
إنكم تعلمون، ودربي شاهد، أنني نذرت نفسي، وبددت قدراتي، والقليل مما أملك، في خدمة حرية مواطنينا بغية تحريرهم من ربقة الخضوع والخنوع. فضد من وضد ما أكافح اليوم؟..
إن الانجراف المدوّخ للحكامة أدى إلى افلاس، يكاد لا يُتلافى، للدولة التي أصبحت مجرد حطام وشظايا حتى في لب صميمها، أي على مستوى المجتمع ذي المصير المشترك.   إن رواسب الظلم تحرض الفصائل الاجتماعية والعرقية بعضها على بعض. وبالتالي لم تستطع اللحمة الوطنية أن تقاوم النظام الاستثنائي الجاثم منذ 1978. إن انتشار العنصرية العنيفة ضد المجموعات والثقافات المنحدرة من جنوب الصحراء، علاوة على إنكار ممارسة الرق والأحكام المسبقة المتعلقة بالمولد تجاه السود الأفارقة، تحوي السبب الحقيقي للتفكك، غير المسبوق، للشعور بالانتماء لبلد واحد. واليوم يبدو أن القطيعة، بل الفجوة اتسعت وتعمقت لدرجة أنه لم يعد بإمكاني أن أواجهها بعدم الاكتراث أو الاعتذار عن المسؤولية عنها.  لا، فبدلا من أن أتذرع ، أؤكد أننا ساهمنا كلنا في فشلنا الذريع بفعل الحذر والإهمال والكياسة الساذجة.
أيها الموريتانيون، أيتها الموريتانيات،
مصدر خطوتي تحدوه الرغبة في تجاوز المحصلة البشعة التي بموجبها أصبحت دولتنا تمثل مقصلة لجزء من شعبها، كما أصبحت كذلك المرتع الوحيد للعبودية البدائية في العالم. فيما يسكنني، تحت طائلة الاستعجال،  واجب آخر، يؤسفني أنني لم أكشف عنه، حتى اللحظة، لمنافسيّ:
إنه علي أن أقدم لأهلي (مواطنينا) برنامجا مبنيا على الوضوح والتجاوب، برنامج حياة مناهض للظلامية التي تعول على الموت وتهدم الهويات. نعم، في ختام العقد الأخير، أصبحت موريتانيا على رأس المختبرات المفتوحة للغلو الديني، ولم يعد جنوحنا إلى ذلك يخفى في أي مكان. المدرسة وأغلبية النظام التعليمي والصحافة المحلية تصنع وتصدّر مرشحي التطرف العنيف بعض الأحيان تحت حماية قوانيننا. وتمثل موريتانيا اليوم مركزا متقدما في نشر عدم التسامح والتكفير بطابعه المشرقي.  إننا بحاجة، لمواجهة تراجع القبائل البدوية إلى أتون الماضي بما يحمل من عنف ودونية مبنية على المولد، إلى فك أغلال العقول والمواهب من خلال مدرسة جمهورية تنحو إلى بناء الفرد المكتمل والإرادة الحرة على الرغم من القيود. إن تصميمي على جعل الانصاف في الرفاه الاقتصادي والثقافي حقيقة ملموسة، يبدأ بالإصرار على الرفع من شأن الإنسان حسب معايير المعرفة والأحقية والفائدة الاجتماعية.
أنني أنوي أن أعيد إليكم، من خلال البرنامج الذي أقدم لكم، أملا جديدا سيسفر عن الاعتزاز بالانتماء لموريتانيا بعد 40 سنة من الخزي وبعد قرون من الجرائم المكتومة. إنني أريد، بفضلكم، أن أعطي صورة جديدة وجوهرا جديدا لهيئات الدولة المهانة، وأن أنقذها من التقادم، وأن أنسج مجددا خيط بُناة موريتانيا، وأن أقيم وأعمل على ترقية القانون للجميع وحرمة الموظف وقداسة المصلحة العامة. نعم، إنني سأعمل على خلق حكامة الفضيلة. والفضيلة لن تتسامح البتة مع التزوير والتزييف، ولن تتسامح على الأخص مع الشهادات المزورة. إن هدفي يتلخص في "معاهدة وطنية من أجل النهضة". وأدعو إلى التصويت لتلك المعاهدة إذا كنتم ما تزالون تؤمنون بإصلاح عطب بلادكم وبلادنا التالفة، المحتقرة، والمُداسة حتى النخاع.
وأخيرا، فإن طموحي يتضمن، في المستهل، الدعاء من أجل انتخابات ستضمن توطئةُ أكنافِها وشفافيتها والاحترام المتبادل بين الفاعلين فيها نزاهتَها وهدوءها. وإني لأقسم كل الأيمان على أن صناديق الاقتراع ستعكس خياراتكم الحقيقية إذا كان الحياد حقيقة لا مراء فيها. وإذا ما فاز شخص آخر بثقتكم، فسأبذل قصارى الجهد للتحدث معه وإبداء النصح له لصالح موريتانيا الحبيبة. وإنني أدعو  باقي المرشحين إلى التعبير عن قبولهم لميثاق الشرف هذا.
تحيا موريتانيا الحرية والمساواة والسلم في جو يطبعه السرور.