لماذا لا يثق الموريتاني في أطبائه؟.. انعدام الخبرة؟ نقص العناية؟ فساد الأدوية؟

أحد, 24/02/2019 - 13:48

نواكشوط/ أحمد ولد محمد - يفقد الموريتانيون الثقة في مؤسساتهم الطبية وفي الأدوية المتداولة إلى حد حرص القادرين منهم على النجاة بأنفسهم خارج البلاد، فيما يصبر العاجزون على “الواقع المر” مضطرين.

ما المشكل ؟ هل هو قصور في خبرة الأطباء، وفي جودة الأجهزة؟ هل هو انعدام الأخلاق المهنية المسؤولية لدى الطبيب؟ أم هي الأدوية الفاسدة وجشع التجار؟ أم أن الوضع حصيلة لغياب الرقابة؟

يتفق كثيرون تحدثوا إلى “مورينيوز” على أنه لا يمكن اتهام كل الأطباء بالجهل وانعدام الخبرة، ففي البلد” كادر طبي يتفاوت في الجودة ومن بينه أطباء بارزون” وفق ما قال سيدي ولد محمد لـ “مورينيوز”، مضيفا : “لدينا أساتذة وأطباء ماهرون..  وحسب ما يقال لدينا تجهيزات طبية متقدمة”. ويؤكد ولد محمد أن “هناك قدرا كبيرا من تدني الأخلاق المهنية وانعدام المسؤولية في المستشفيات والمراكز الصحية”.

وتؤكد مريم التي تحفظت على كامل اسمها هذا القول: “فعلا إن الاخلاق غائبة في مستشفياتنا”، مضيفة ” هي مقابر لا مستشفيات.. ومعظم الاطباء عديم المسؤولية.” على حد قولها. وتضيف: “يموت المرء وهم يقولون له إنه لا يعاني أي مرض.. ويقولون لآخر إنه مصاب بمرض لا يعاني منه”.

وقال أحمد سالم وهو موظف صغير يراجع أحد المراكز الصحية: هناك فوضى ونقص في الاهتمام لكن اتهام الطبيب الموريتاني بالجهل ظلم، مع أنهم ليسوا سواء”.

وحملت “مورينيوز” كل هذه التهم إلى طبيب تحدث بشرط ألا يكشف اسمه: ” قطاعنا مثل كل القطاعات به الفساد، وبه نقص، لكن استغرب ألا يثق الموريتاني في الاطباء الوطنيين ويلجأ إلى نظراء في الخارج ليسوا أفضل منهم”. وقال: ” ليس المشكل ناتجا عن خطأ في تشخيص الأمراض أو وصف الدواء المناسب، إنما ربما في نوعية الأدوية المنتشرة في السوق، وهي لا تخضع لرقابة جادة، فهي سلعة تجارية ينظر إليها كذلك، وهذا ما لا ينبغي”. ويشير الطبيب إلى نظام التخزين الذي لا يخضع للمعايير المطلوبة”.

ويبرر طبيب متدرب انعدام الثقة بالطبيب والمستشفى بتكرار الأخطاء الطبية: “هناك أطباء لهم جرءة كبيرة على إجراء عمليات ليسوا أهلا لها.. هؤلاء قد يتسببون في الوفاة بدلا من إنقاذ المريض”.

ووصفت سيدة تراجع المستشفى الوطني في نواكشوط الأطباء بأنهم تجار: “إنهم يستخدمون المهنة وسيلة لجمع المال على حساب حياتنا.. قم مثلا بمتابعتهم ستجد أن معظم العاملين في المستشفيات العامة إما أصحاب عيادات خاصة، أو هم يعملون بها إضافة إلى عملهم الرسمي”.  وتتساءل السيدة: ” هل من المعقول أن يفحص طبيب أكثر من خمسين شخصا ما بين الرابعة مساء والسادسة؟… إنهم لا يمنحون العناية الكافية للمريض..هدفهم فقط هو جمع المال”.
وينتقد شاب تم الاتصال به في أحد المراكز الصحية ما يصفه بالجشع لدى  بعض الأطباء: “هناك صيدليات تتعامل تجاريا مع بعض الأطباء عديمي الروح المهنية ليصفوا أدوية مزورة فاسدة تستجلبها”.
يقول مهتمون إن نحو 60 بالمائة من الأدوية الموجودة في السوق مزورة أو فاسدة. ولا تخضع هذه الأدوية للتحليل رغم أن السلطات تقول إنه يوجد مختبر جيد به فنيون جيدون. ويقول  المختبر إن الأدوية التي تمر به خاضعة لمعايير الجودة.

ويعترف المسؤولون المعنيون في الأحاديث الخاصة بأنه على الرغم من  توحيد الجهة المسموح لها باستيراد الأدوية وضرورة أن يمر المستورد بالمختبر فإن “ذلك لا يحدث”. غير أن وزارة وزارة الصحة الموريتانية نفت مارس الماضي وجود أدوية مزورة أو فاسدة أو غير مسجلة داخل الصيدليات. وأكدت سلامة  الأدوية  المرخصة والمسوقة داخل موريتانيا وجودتها. .
وقالت الوزارة في بيان  إنها تشن منذ أعوام حملات ضد الإتجار بالادوية وتخزينها خارج الأماكن المرخصة. كما فرضت – حسب البيان – التزام كل الصيدليات بالمعايير الخاصة بالتخزين.

وترفض صيدليات تم الاتصال بها المسؤولية: “نحن نشتري من موزعين معتمدين ونخضع للتفتيش، ولسنا مسؤولين عن أي خطأ” كما قال أحدهم لـ”مورينيوز”. أما المستوردون فيقولون إنهم يستوردون عبر أرقى المختبرات. ويقومون بإتلاف الأدوية منتهية الصلاحية قبل شهر أو شهرين من تاريخ انتهاء الصلاحية. وينحي هؤلاء باللائمة على الاستيراد غير المرخص، والسوق السوداء.

ويبقى الثابت أن الثقة معدومة لدى كثيرين في الجهاز الطبي، مع اتفاق في أوساط الرأي العام بوجود أدوية فاسدة في السوق.

 

الراصد/ مورينيوز