حق لكل موريتاني أن يفرح بفجر الاستقلال إنه فجر الحرية وعبق النصر إنه ثمن دماء الأبطال الذين ماتوا فداء للوطن والاحتفال به وفاء لهم ولدمائهم الزكية، فتحية لكل جندي على أديم تلك الأرض أو تحت ثراها الطيب بعد نيل الشهادة وهي المبتغى .
لكن إلى متى سنبقى نحتفل دون الوقوف إلى حقائق الأشياء وجوهرها ؟ إن الاستقلال هو دحر للعدو وتمكن من تدبير الأمر من خلال صاحب الحق فهل وجدنا يوما طعما لهذه الحقيقة؟ أي تدبير أمرنا بأنفسنا وجعل مقدراتنا سببا في سعادتنا لا في شقائنا ، هل تعليمنا ينم فعلا عن استقلالنا ؟ لماذا كتبنا دستورا و اخترنا عنوان جامعا مانعا وهو الجمهورية الإسلامية الموريتانية .
عودة إلى تعليمنا لكي نستشف من خلاله مدى استقلاليتنا عن المحتل الفرنسي وهل وفينا بعهد الشهداء أم أننا ارتمينا في حضن العدو وخذلنا وعدهم للأسف ؟
وسنبدأ ببرلمان الأمة الموريتانية الذي تتنازعه لغة المحتل الفرنسي مع لغة البلد الرسمية حيث ينقطع تيار الفهم بين المنتخبين أنفسهم فلولا الترجمة الفرية لكان حوار صم لا أحد منهم يسمع الآخر مع غياب ترجمة اللغات الوطنية وهي أولى بالعناية من لغة الجلاد فهل مخرجات تعليمية لدولة تحتفل بعامها الثامن والخمسون عاجزة عن نسج مجتمع بلغة نسجت أمة وتكلم به رب العباد فهل يا ترى عجزت لغة الضاد العالمة عن بناء جسر بين بلد لا يزيد سكانه على الأربع ملايين ؟
هناك فرق شاسع بين الاستقلال والاستغلال من حيث البناء والمعنى وإن كان اختلط قافنا بغيننا كما اختلط حابلنا بنابلنا , فهل هناك فرق بين العدو الأجنبي والعدو المحلي خاصة إن كانا يلتقيان في ملتقى فعل الاستنزاف ؟ لا أرى فرقا بين محتل فرنسي يستنزف ثروة بلدي ويجوع أبناءه وبين مواطن فاسد يدمر البلاد والعباد كما دمره المحتل بل وأسوأ من المحتل أحيانا .
من هنا يجب على الحكومات الموريتانية الحالية واللاحقة أن تتحمل مسؤولياتها وتعلم أننا نحس بالاحتفال برحيل فرنسا عن المشهد لكن لما نستقل من الفساد واستنزاف الثروات وغياب الأمن والصحة والقرار السياسي لبلدنا في أمور عديدة .
أعود إلى عنوان بلدنا المركب تركيبا إسناد يا ووصفيا من الجمهورية الإسلامية الموريتانية فهل استفدنا من هذا العنوان الذي استظل به المؤسسون وقد أحسنوا صنعا ؟
جمهورية إسلامية أهلها تتفشى فيهم الشرائحية والعنصرية والظلم وغياب العدل و يقبعون في مؤخرة ركب جيرانهم خدميا حتى من أنهكتهم الحروب الأهلية عافانا الله وإياهم أحسن بنية تحتية منا وأحسن حالا منا فلماذا هذا الاستغلال وأين يتجلى الاستقلال ومن أين نستشف أسلمتنا التي ندعي ؟
فقبل أن ينصت لأمر الدستور الموريتاني ويعرب التعليم وتجسد العدالة الاجتماعية فلا قبل لنا باحتفال حقيقي لأننا أمم في أمة لا يفهم بعضنا بعضا ولا ينصف بعضنا بعضا .
فنطالب باستهلال جديد وجمهورية جديدة عنوانا الاستقلال لا الاستغلال تنموا وتكبر ويسعد سكانها جمهورية للحب والنماء جمهورية إسلامية فعلا ، نتمنى لكل مواطن موريتاني عيد استقلال حقيقي يحس بأنه استقل عن الظلم والقهر والطبقية استقل من المحتلين الجدد الذي قضوا ثمان وخمسون عاما يتبادلون الأدوار دون أي استقلال حقيقي ودمتم ودام الوطن بألف خير .
الحامد احمد جباب