صرخة من منظمة أصدقاء الأطلسي  إلى السلطات الموريتانية بشأن المخاطر البيئية

سبت, 18/10/2025 - 17:23

الراصد : تتابع منظمة أصدقاء الأطلسي بقلق بالغ ما ورد في التقرير السنوي لمحكمة الحسابات لسنتي 2022 و2023، والذي كشف عن تدهور خطير في الوضع البيئي داخل قطاعات الطاقة والمعادن في موريتانيا. 
وقد أظهر التقرير وجود مخالفات بيئية جسيمة ترتكبها شركات محلية وأجنبية في ظل غياب شبه تام للرقابة الحكومية، مما يشكل تهديداً مباشراً للحياة الطبيعية ولصحة المواطنين وللسيادة البيئية للدولة.

لقد أكدت محكمة الحسابات أن تراخيص استغلال الموارد الطبيعية منحت في بعض الحالات دون إجراء دراسات للأثر البيئي، وأن التربة السوداء على السواحل استُغلت دون احترام القوانين التي تفرض تقييمات مسبقة. 
كما تم رصد منح تراخيص استغلال لشركات تعدين دون اتباع المساطر البيئية، مما أدى إلى تسرب مواد سامة إلى التربة والمياه الجوفية.

أشار التقرير أيضاً إلى غياب خطط لإدارة النفايات المعدنية، إذ تتخلص الشركات من مخلفاتها بشكل عشوائي في الطبيعة. وتحدث عن تجاهل تام للعقوبات القانونية، فالحوادث البيئية التي سجلت لم يُعاقب عليها أحد رغم جسامتها. كما بيّن التقرير أن مناطق الزراعة والرعي في الجنوب والوسط تعرضت لتلوث خطير بسبب فتح مناطق استغلال الذهب التقليدي فيها، وهو ما تسبب في تدمير الأراضي الخصبة وتلوث المياه ونفوق المواشي.
وفي جانب آخر، تبيّن أن بعض الشركات الصناعية من الفئة F تفرغ نفاياتها في الأودية والسهول دون معالجة أو رقابة، وأن المديرية العامة للمعادن تعاني من ضعف في الوسائل البشرية والتقنية، وغياب شبه كامل لنظام معلوماتي وأرشفة رقمية، مما يمنع تتبع الأنشطة وتقييم الأضرار البيئية.
إن منظمة أصدقاء الأطلسي تعتبر هذه الوقائع أدلة دامغة على وجود أزمة بيئية وطنية تستدعي تدخلاً فورياً من الدولة، وتدعو السلطات الموريتانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل:

إنشاء لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في الأضرار البيئية الناجمة عن الأنشطة التعدينية والطاقة.

وقف منح التراخيص الجديدة إلى حين مراجعة الملفات السابقة بيئياً.

إلزام جميع الشركات بتقديم دراسات أثر بيئي معتمدة قبل بدء أو تجديد أي نشاط.

تطبيق العقوبات القانونية على المخالفين دون استثناء.

تعويض المجتمعات المتضررة وإعادة تأهيل الأراضي والمناطق الملوثة.

إن البيئة الموريتانية ليست مورداً يُستنزف بلا حدود، بل هي أمانة في عنق الجميع. إن استمرار هذا الوضع يعني تهديد حياة الأجيال القادمة، وضياع ثروات طبيعية لا تعوّض. لذلك تدعو منظمة أصدقاء الأطلسي الحكومة إلى وضع حماية البيئة في صميم السياسات العامة، وجعلها قضية وطنية عاجلة ترتبط مباشرة بمستقبل البلاد واستقلالها البيئي والاقتصادي.
صادر عن:
 منظمة أصدقاء الأطلسي
 نواكشوط – يوليو 2025