
الراصد : في منشور سابق دعوتُ النخبة، والطبقة السياسية، والشخصيات المستقلة، إلى الالتقاء حول منصة جامعة وتوحيد جهودهم من أجل تحقيق التغيير الذي يحتاجه وطننا أشد الحاجة.
فالنظام الذي يحكمنا قد استنفد كل الصيغ من أجل ضمان بقائه، واستعمل كل وسائله، ولا سيما السياسية منها، لإيهام الشعب بأنه يسعى لتحسين أوضاعه، بينما كان في الحقيقة لا يبتغي سوى خدمة مصالحه الخاصة.
أما اليوم، فقد فقد خطابه ووعوده كل مصداقية، ولم يعد يلقى أي اهتمام. كما أن أساليبه في معالجة الأزمات تكشف بوضوح عن فشله الذريع، إذ لم يعد يملك سوى وسيلة واحدة للبقاء في السلطة، وهي اللجوء إلى القوة ضد المواطنين المسالمين كلما حاولوا التعبير عن رفضهم أو المطالبة سلميًا بحقوقهم.
لقد باتت انحرافاته معروفة على كل المستويات: فالمصالح الحيوية للأمة تُفرّط فيها الأيدي بلا حساب، والقوانين تُنتهك صباح مساء، ومبادئ وأساليب التسيير تُداس بالأقدام، أما الفساد والنهب فصارا القاعدة التي تقوم عليها كل الأنشطة، حتى أصبحت ركائز الدولة مهددة في صميمها.
وفي ظل هذا الواقع، تتعاظم الحاجة العاجلة إلى التغيير أسبوعًا بعد أسبوع، بفعل حالة الانهيار غير المسبوقة التي يعيشها البلد، والخطر المتنامي بتفككه الماثل للعيان، إضافة إلى سوء الحوكمة التي لم يسلم منها أي مجال.
إن هذا الوضع غير المقبول يفرض علينا جميعًا وعيًا بخطورة اللحظة، واستعدادًا لبذل التضحيات، يستند إلى إرادة صلبة، وعزيمة لا تلين، ووحدة لا تتزعزع، وإيمان راسخ بضرورة فرض التغيير.
إن واجبنا كمواطنين ووطنيين يملي علينا أن نتجاوز خلافاتنا الداخلية وتبايناتنا، وأن نتوحد من أجل الاستجابة لنداء الاستغاثة الذي يطلقه وطننا كلما تعرض لخطر جسيم، وخاصة عندما يكون وجوده ذاته على المحك.
واليوم، نجد أنفسنا أمام واحدة من تلك اللحظات التي تتطلب انخراط الجميع. ولهذا، أحث كل أبناء وطني على أن يلتقوا في أقرب وقت ممكن، وأن يضعوا خلافاتهم جانبًا، ويتحدوا ويعملوا معًا من أجل إنجاز التغيير الذي تطالب به الأغلبية الساحقة من شعبنا، وإنقاذ الوطن من مسار التدمير الذي بدأ بالفعل