يا لأيامك العصيبة يا ديوماي! / باب ولد حرمه

أحد, 13/07/2025 - 11:31

الراصد : تأسس السنغال كدولة ونظام سياسي، حاله حال موريتانيا، على فتك الرئيس برئيس الوزراء.. أو قل على التخلص من بقايا الجمهورية الفرنسية الرابعة لصالح الجمهورية الخامسة.. هكذا ارتدى ولد داداه وسنغور عباءة ديغول، فأبعد الأول ولد يحيى نچاي إثر تعديل دستوري سنة 1961، ثم أوغل في تضييق الخناق على أحلامه البرلمانية والحزبية حتى أخرجه من الحياة السياسية، قبل أن يعود ودودا تجاهه في مذكراته سنة 2003 مخاطباً إياه بـ Sidel. وفي السنغال، رجحت وحدة المظليين وضباط قاعدة ريفيسك الفرنسيون كفة سنغور في مواجهة رئيس الوزراء مامادو ديا، فانتهى المطاف بالأخير سجينا بتهمة التدبير لانقلاب عسكري بعد نحو ثلاث سنوات من استقلال السنغال. 

مضى كل بلد يشق طريقه الخاص.. كرست السنغال استثناءها الديمقراطي وسلكت موريتانيا طريق الانقلابات والانتخابات، ثم قررت أن تدمج بين الأمرين في نهاية المطاف. وفي غضون ذلك، جرت تحت جسر البلدين تعديلات دستورية ما فتئت تراكم السلطة والصلاحيات والمكانة والنفوذ لصالح الرئيس، وأنزلت رئيس الوزراء إلى ما فوق مستوى بقية الوزراء بقليل. 

هكذا عاش رئيسا البلدين بمنأى عن هذا التنازع بين الرئيس ورئيس الوزراء، وصار بإمكان الرئيس الموريتاني أن يتفرغ للتحسس من زملائه من كبار الضباط، وانصرف الرئيس السنغالي يشتت جهود معارضيه ترغيبا بالمناصب أو تضييقا وملاحقة أمام القضاء وزجا في السجون. ومن المسار السنغالي هذا وجراء ملاحقات قضائية أرادها ماكي صال سدا أمام عثمان صونكو، برز ديوماي فاي إلى الوجود. فبتزكية من خلف القضبان، نجح صونكو في إيصال شاب وصف حينها بالمغمور متواضع الشعبية والحضور إلى هرم السلطة، بعد أن كان قد فشل في الوصول إلى منصب عمدة قريته ندياغانيو غرب السنغال قبل ذلك بسنتين. ومنذ ذلك اليوم عادت السنغال، رغم أنف الجمهورية الخامسة لديغول، ورغم صناديق الاقتراع، ستة عقود إلى الوراء تعيش برأسين. 

بدا لبعض المعلقين في بداية الأمر أن ديوماي فاي لا يملك من السلطة إلا ما لا تقوم من دونه الجمهورية من احترام للمظاهر والبروتوكول، وهمس في داكار بأنه يستعجل الزمن كي يخلع جبة الرئيس وينهي هذا الاستخلاف.. 

مضت الأيام ومعها مضى ديوماي فاي يختط نهجه الخاص، واختفت رويدا رويدا ملامح صونكو الثورجية من سماء السنغال. ولأن الزمن يسير ببطء على ضفة الانتظار، فلعل صونكو قد استنفد صبره، ولربما قد حدثته نفسه الأمارة بالرئاسة بوساوس عن سنة 2029.. عموما لا يتقن صونكو أي عمل كما يتقن إزعاج الخصوم والمنافسين.. يا لأيامك العصيبة يا ديوماي!