بنشاب : بعد أسبوع من هجوم مزدوج في العاصمة باماكو قام رئيس المجلس العسكري في مالي بتقييم الترتيبات الأمنية من أجل "إعطاء توجيهات جديدة لمكافحة الإرهاب"، حيث يستعد الجيش لإعادة تأكيد وجوده في منطقة تعتبر منذ فترة طويلة معقلا لحركات الأزواد المتمردين.
واجتمع رئيس المجلس العسكري المالي العقيد عاصيمي غويتا مع كبار المسؤولين العسكريين "لتعديل الاستراتيجية الأمنية" و"إعطاء توجيهات جديدة"، بعد ستة أيام من الهجمات التي خلفت عشرات القتلى في باماكو، حسبما ذكرت الرئاسة مساء الثلاثاء.
وقالت في بيان صحفي: "لقد أتاح هذا الاجتماع إجراء فحص شامل للتدابير الأمنية، وإعادة تقييم التهديد وتقديم إرشادات إضافية"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وفي خطابه الأول منذ هجمات باماكو، أشار غويتا إلى "الحاجة الماسة إلى البقاء يقظين والحفاظ على وضع عملياتي مثالي في جميع الظروف".
وتعرض معسكر للجيش في العاصمة المالية باماكو، لهجوم من قبل مسلحين في منطقة فالادي، في الضواحي الجنوبية الشرقية للعاصمة، بالقرب من المطار الرئيس.
وبحسب مصادر إعلامية مالية، كان لدى أحد المتطرفين صور عبر الأقمار الصناعية مصحوبة بنصوص باللغة الأوكرانية على هاتفه.
ورغم عدم الإعلان عن حصيلة رسمية، أفادت مصادر أمنية بمقتل أكثر من 75 شخصًا وإصابة أكثر من 250 آخرين.
تقويض خطاب المجلس
وقوضت هذه الهجمات وخسائرها الفادحة خطاب المجلس العسكري الذي يتولى السلطة منذ عام 2020، والذي يدعي أن استراتيجية شراكاته الأجنبية الجديدة وجهوده العسكرية المتزايدة مكنت من مواجهة المتطرفين.
وبينما تشهد مناطق أخرى من البلاد هجمات شبه يومية، لم تعش باماكو مثل هذا الهجوم منذ عام 2016.
وفي جبهة المعارك مع المتمردين يواصل الجيش المالي محاولاته للسيطرة على المناطق الشمالية.
وكشفت وسائل إعلام محلية عن مغادرة قافلتين عسكريتين منطقة غاو للوصول إلى منطقة كيدال، إحداهما كانت تضم نحو خمسين آلية مدرعة، أما الثانية، التي وصلت إلى وجهتها بعد أسبوع، فكانت مؤلفة من نحو عشرين آلية عسكرية.
وتظهر هذه التحركات، التي أكدتها صور الأقمار الصناعية، تصميم السلطات المالية على تعزيز تواجدها في المناطق الاستراتيجية بالشمال على مستوى منطقة تين زواتين والتحضير لعمليات جديدة في المنطقة.
التوازن الإقليمي
وفي مؤشر على أثر هذه التحركات العسكرية على التوازن الإقليمي، قال مصدر مطلع إن الجزائر، التي لها حدود مشتركة مع مالي، "تتابع هذه التطورات عن كثب، وتراقب بعناية انتشار قوات غويتا بالقرب من أراضيها".
ويمكن أن تسعى القوات المسلحة المالية إلى إقامة وجود أكثر استدامة في المناطق المتنازع عليها سابقا، ومن ثم تعزيز سيطرتها الإقليمية.
ويرى مراقبون أن الأسابيع القليلة المقبلة من شأنها أن تكون حاسمة بالنسبة لمستقبل شمال مالي، ومن الممكن أن يشهد ميزان القوى تغيرات كبيرة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب محتملة على استقرار منطقة الساحل بأكملها.