الراصد : إن هجرة الشباب الموريتاني هي بحق ظاهرة استثنائية وفريدة من نوعها، تختلف تمامًا عن هجرة شباب العديد من الدول الأخرى التي دفعتهم الظروف القاهرة والأسباب المبررة للهجرة.
ففي حين أن الشباب في دول أخرى قد يهاجرون هربًا من المجاعة أو ويلات الحروب، نجد أن الشباب الموريتاني لم يلجأ إلى الهجرة بسبب هذه العوامل، وإلا لرأينا تدفقًا للشباب والشيوخ والنساء نحو الدول المجاورة.
لكن الواقع في موريتانيا يشهد حالة خاصة من الهجرة، هي الهجرة من أجل الرفاهية..
فالهجرة من موريتانيا إلى حائط المكسيك، على سبيل المثال، تكلف ما يزيد على خمسة ملايين أوقية في أدنى حالاتها..
ومن يمتلك هذا المبلغ لا يمكن وصفه بالمعدوم.. وفي المقابل، نجد مئات الآلاف من الشباب الأجانب الذين أتوا إلى موريتانيا مهاجرين بحثًا عن العمل، واستطاعوا بناء أنفسهم اقتصاديًا وأسسوا مشاريع مدرة للدخل في مجالات الصيد البحري والزراعة والتجارة.
هذه الظاهرة تطرح تساؤلات عميقة حول الأسباب التي تدفع الشباب الموريتاني للبحث عن الرفاهية في أراضٍ بعيدة، في الوقت الذي يأتي فيه شباب من دول أخرى إلى موريتانيا لتحقيق أحلامهم الاقتصادية..
إن الأسباب الكامنة وراء هذه الهجرة تعود في جزء كبير منها إلى التحديات التي تواجهها الحكومة الموريتانية في تسيير المشاريع التمويلية الموجهة للشباب، والتي تشوبها أحيانًا شوائب مثل المحاباة والتمييز والمحسوبية.
لذا، يتوجب على الحكومة الموريتانية أن تقوم بتصحيح هذه الأخطاء وإعادة النظر في السياسات التمويلية، لضمان توزيع عادل للفرص وتعزيز الشفافية في إدارة المشاريع..
كما يجب على الحكومة أن تستثمر بشكل أكبر في التعليم العالي والمهني، لضمان تأهيل الشباب وتمكينهم من الاستفادة من الفرص المتاحة داخل البلاد.
فمن خلال هذه الإجراءات، يمكننا أن نضمن للشباب الموريتاني مستقبلًا أكثر إشراقًا واستقرارًا، مرتبطًا بأرضهم، ويعزز من إسهامهم في بناء وطنهم. وبهذا، نتحول من الهجرة بحثًا عن الرفاهية في أراضٍ بعيدة إلى بناء رفاهية حقيقية ومستدامة داخل حدود وطننا العزيز.
-سيدي عثمان ولد صيكه