الراصد : الرسالة الثانية المفتوحة إلى فخامة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني من النائب بيرام الداه اعبيد
بروكسل، مملكة بلجيكا، 30 ديسمبر 2023
السلام عليكم صاحب الفخامة ، لا يسعني إلا أن أعبر لكم علنا ً عن مشاعري إتجاه أمر متداول الآن و يشكل حديث الساعة ؛ وهذا الأمر يمثل معضلة جمة و تأثيرها الثقيل سيكون حاسماً بخصوص إستمرار دولتنا بسلام و أمان أو تعرضها لهزات من المحتمل أن تؤدي بها لا قدر الله إلى انفجارات قد لا تحمد عقباها.
سيدي الرئيس إننا كعادتنا و كما تعهدنا بذالك خلال إبرامنا للعهد مع الله تبارك و تعالى عند بدء إنخراطنا في مشروع الكفاح من أجل الإصلاح، أن لا نسكت على باطل أو مفاسد تهدد أمن واستقرار وسلامة البلد لهذا نتقدم إليكم أنتم كولي أمر بتبيين الحق و التحذير من الباطل و ذم الظلم و أهله دون الإكتراث بلوم اللائمين أو تهويل المهولين وتحريف المحرفين.
فخامة الرئيس و القائد العام للقوات المسلحة و قوات الأمن، إن الأسماء المتداولة لكبار ضباط قواتنا المسلحة و قوات أمننا و كذالك أسماء و هويات كبار الرتب الذين تم تعيينهم و توليهم لقيادة هذا القطاعات الحساسة خلال هذه
الأيام و قبلها، هي أسماء لا تعكس مع الأسف لوحة و ثراء تعددنا اللوني و الإثني و الفئوي بل تكاد هذه التعيينات أن تحصر قمة و قيادات القوات المسلحة و قوات الأمن في قومية و فئة وطنية واحدة و هي مجموعة وطنية مسيطرة تتميز طبقيًا ولغويًا والبشرة الفاتحة أي الكيان المتجانس للقبائل الصنهاجية-الحسانية المسمى بالبيظان. هذه المجموعة تبسط سيطرتها بصفة مطلقة على رتب و قيادات الجيش و أسلاك الإدارة و الأمن و يرى الكل بالعين المجردة الإمعان في فوبيا التعدد اللوني و الإثني وذلك بالإبعاد الممنهج للمجموعات الوطنية الكبيرة المنحدرة من القوميات الوطنية الأصيلة عن مراكز الرتب و المسؤوليات العسكرية و الأمنية .
سيدي الرئيس ما أسطره لكم في هذه الرسالة لا يمكن اعتباره البتة أن يكون مجرد صيد في المياه العكرة كما سيسوقه لكم المرجفون الكثر و ليس كلام ساع للسلطة و ميال إلى الدعاية العنصرية كما سيتقول اللونيون من حولكم و البطانة التي لا ترى أبعد من أنوفها و عقولها منحصرة في بطونها و مزاياها و دعايتها؛ بل ما أقوله لكم إحساس واقع و صادق و مرير يعيشه الكثيرون من أفراد القوات المسلحة و قوات الأمن المنحدرين من المجموعات الوطنية العريضة من قومية لحراطين و القوميات الوطنية الزنجية الموريتانية كما يسمون أنفسم.
ان أبناء هذه المجموعات يشكون من التمييز الرهيب و الإقصاء الممنهج في الإكتتاب و في التقدم في الرتب و في مجال التكوين و المنح العسكرية و كذالك التعيينات ؛ فكم من عسكريين من جميع الرتب ينحدرون من هذه المجموعات يتصلوا بنا خفية وفي العلن احيانا ليشكوا و يشرحوا هيمنة الظلم و الإقصاء العنصريين على حساب الكفائة الفنية و اللياقة البدنية و التضحية من أجل الوطن!
الأمر الثاني سيدي الرئيس وصاحب الفخامة هو إنشغال اصحاب الرتب العسكرية العليا من جنرالات وضباط سامين بممارسة السياسة علنا و عبر مجموعاتهم القبلية و هذا أمر خطير نود تحذيركم منه لأنه يخالف قيم الروح الوطنية ويسيء الي قدسية المؤسسة العسكرية في نظام يفترض فيه أنه جمهوري و يدخلها في صراعات قبلية يكون الولاء فيها للقبيلة وليس للمؤسسة العسكرية و الدولة !
إن انشغال الجنرالات والضباط بممارسة السياسة جعل منهم وجهاء قبليين و فاعلين سياسيين مما كان له الأثر السلبي الخطير على تشكيل وأداء الإدارة و على سلوك وقناعات المجتمع بشكل عام لأن ممارستهم للسياسة ببذلاتهم العسكرية يمثل ابشع أو جه استغلال السلطة و المال العام لخدمة أغراض شخصية و تغذية صراعات قبلية افسدت الحياة السياسية بإفراز طبقة سياسة فاسدة لاعلاقة لها بالشعب جعلت من المال العام وقودا للحملات السياسية بدل البرامج الانتخابية والقبيلة محورا للعمل السياسي بدل الأحزاب السياسية وهنا ضاعت قيم الديمقراطية و تهدمت أسس الدولة المدنية الحديثة .
الأمر الثالث سيدي الرئيس إن وضعية الجرحى المسرحين و متقاعدي القوات المسلحة و قوات الأمن و كذا أرامل الشهداء و أيتامهم يعيشون أوضاع النسيان و الحرمان الذي يشكل عامل الفت في عضدد الشعب و المواطن و لا يحفز على الإنخراط في هذه الأسلاك التي تعتبر في كل كيان دولة هي صمام الأمان و البقاء مع قدرة الله تعالى مالك الملك؛ فكل دولة في العالم تحتفي في يوم الشهيد أو يوم الجندي المجهول بمن سقطوا على ساحة الشرف فاستشهدوا أو تمت إعاقتهم إلا بلادنا، فلماذا؟ و لماذا أيضاً، سيدي الرئيس، رابطة أبناء شهداء القوات المسلحة و قوات الأمن لا تحظى بالعناية التي تحظى بها الرابطات العبثية المنتشرة في هذا البلد ! فهي لعمري أولى بالعناية و الدعم و التكريم.
أما النقطة الرابعة و الأخيرة صاحب الفخامة التي سنتوقف عندها ثم نختم، هي ضرورة اعادة النظر ممن يملك زمام الأمور في الجمهورية الإسلامية الموريتانية في سياسة النعامة و سياسة فرض الأمر الواقع و الأمر اللاقانوني بالقوة الصماء و البكماء و العمياء في أمر حقوق شرعية مقدسة و أمر حقوق إنسانية لا مساومة فيها من جانب القوانين البشرية كما أن هذا الأمر منوط بالتعايش الحتمي بين أبناء و مكونات الشعب الواحد. القضية هي قضية المفقودين و المقتولين و المسرحين تمييزًا و عنصريةً من القوات المسلحة و قوات الأمن خلال سنوات الجمر الطائعية. هذه المعضلة، فخامة الرئيس، مازالت و لا تزال تسمم التعايش الوطني و تشين سمعة البلد و تهدد إستقراره و وئامه ما لم تجد حلًا يحق الحق و يجبر الضرر و يحفظ الذاكرة و يعيد الإعتبار للضحايا الذين هم من قواتنا المسلحة و قوات أمننا. سيدي الرئيس، هناك بعض التهم و الشبهات لا يمكن أبداً وضعها في خانة المسكوت عنه إذا تعلقت بتولى أمر المسلمين كما في سنة نبينا و قدوتنا محمد صلى الله عليه و سلم و كذا في كنف النظام الديمقراطي كالذي إختاره الموريتانيون كنظام حكم لهم. فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك إتهامات خطيرة جداً من باب الشرع و القانون يدلي بها عسكريون سابقون و يسمون بالأسماء ضباطًا سامين بعضهم في الحكومة أو ضمن ضمن المناصب العسكرية السامية. فهذه التفاصيل الرهيبة و المحزنة التي تصدر من أشخاص لايخفون هوياتهم كعسكريين سابقين و كموريتانيين و يطالبون بالإنصاف فمن مسؤولياتكم التحقق في أمورهم الشائعة و المتداولة حتى أنها شكلت رأياً عاماً وطنيًا و دولياً يلطخ صورة البلد. فإن كانت الدولة ليس بوسعها إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة التي تثبت زيف اتهام المدعين و معقابتهم بالقانون و تحمي بالشفافية و في العلن سمعة هؤلاء الضباط فعليها على الأقل أن تستغني عنهم و تعفيهم من هذه المناصب.
والسلام على من رأى الحق حقاً و رزق إتباعه.