الراصد : هذا ليس صوتي
بل أصوات كثيرة سمعتها من غزة، من الأهل والأصدقاء والجيران والزملاء.
أصوات الذين اتخذوا قرار البقاء في غزة رغم المخاطرة الشديدة، إيمانا منهم، بأن البقاء على الأرض، هو جوهر الصرع.
وبما أن هؤلاء هم الذين يتحدثون، فلا يفتي أهل النعام لأهل الخيام.
يقولون: إن خطاب قيادات حماس في الخارج غير مسؤول، ومنفصل عن الواقع، ولا يساعد الناس على البقاء، بل يشوش على الصورة الحقيقية، ويعطي مبررا للاحتلال أمام العالم باستمرار المجازر، على اعتبار أن هناك بطولات ومعجزات، وكأن غزة كوريا الشمالية بسلاحها.
إن هذه الشعارات التي نسمعها إن تيسر لنا وسمعناها، فهي تؤذينا، تشعرننا بأننا في واد، وهؤلاء في واد آخر، وكأننا على مذبح المزايدات والبطولات.
نحن نفقد ما تبقى من بقايا ثقة في هؤلاء، والحقيقة أننا لا لم نعد نضمن حسن النوايا من وراء هذا النوع من الخطاب، لأننا في الميدان ونعرف ما الذي نريده، وما الذي لا نريده.
يصرخ أحدهم: يا عااالم، أهو حرام علينا أن نمنى بالهزيمة في معركة!!!
العبرة ليس ببقاء حماس كعنوان
العبرة الحقيقية بالبقاء. البقاء على الأرض.
حتى أن المجاهدين الحقيقيين على الأرض، لديهم معادلتهم، هم يعرفونها ونحن نعرفها.
ماذا تعني كل الجعجعات إن محينا عن هذه الأرض، أو ساقنا المحتل للتهجير، ونحن في أيام حاسمة، من حيث قوتنا وزادنا.. المعركة معركة وقت، لماذا تساعدون المحتل على إطالة هذا الوقت!!
أما بعض المحللين الذين يخصص لهم المنبر الإعلامي، ويتحدثون عن الواقع الميداني والعسكري، فهؤلاء حقيقة يضحكوننا، لأنهم يتحدثون عن كوكب آخر، ولا يعرفون عن غزة، لأنهم ليسوا منها، ولم يدخلوها، ولا يعرفونها، وبالكاد يستطيعون حفظ أسماء مناطقنا، وغالبا ما لا يحسنون لفظها.
صديق قال لي: يبدو أن تعامل حماس مع الواقع السياسي، سيساعد إسرائيل على الاستمرار نحو الجنوب.
ترددت في نقل هذه الأصوات، لأنني أعرف أن أغلب الناس يفضلون سماع صوت آخر، وكأن الحرب قد صارت “ماتش كوره” للتسلية ورفع المعنويات.
إن ضمير القائد، يظهر في التعامل مع الهزيمة، وتجنيب الناس ويلات بلا طائل.
إن الضمير، ليس هو العاطفة، ليس هو البكاء ، ليس شعارا أو جعجعة.
الضمير مسؤولية
ومن كان عاطفيا بلا مسؤولية، فهو إما مشوش أو مشوه.
عطا الله الزويدي
صحفي