الراصد : البشمركة (بالكردية: پێشمهرگه، Pêşmerge) هي قوات عسكرية تابعة لكردستان العراق وهو المصطلح الذي يستخدمه الأكراد للإشارة إلى المقاتلين الكرد. البالغ تعدادهم 300 الف وتعني «الذين يواجهون الموت».
بينما يستخدم الموريتانيون هذه التسمية لتوصيف العاملين في الحقل الاعلامي الخصوصي المستقل والبالغ تعدادهم 1050 شخصا، حصرت التسمية على مجموعات بعينها في حقبة الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، لكن التسمية توسعت وتضاعف العدد بعد موجة المنصات التي ساهمت بشكل كبير في القضاء على الاعلام التقليدي لسرعة تفاعلها ووصولها الى المتلقي، إضافة إلى كتيبة من المدونين اعتمدت عليها أجهزة الدولة كعرابين للحروب الطاحنة بين أركان النظام الواحد، لتسريب أدق التفاصيل عن بعضهم البعض (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى).
لكن من هو البيشمركي في المصطلح المحلي ومن حول هذه الصفة من قمة الشجاعة لدى الأكراد إلى صفة قدح وذم في الوصف الموريتاني.
بعد صراع مرير بين اجيال ممتهني هذه (السخافة) في موريتانيا ابتكر الرعيل الأول هذه الصفة ليتم توريثها كوصمة عار للأجيال اللاحقة، تعويضا لعجزهم عن كبح جماح التسارع المذهل لتقنيات الاعلام الحديث وفشلهم في احتكار العلاقة مع كبار المسؤولين في البلد، فلجأوا إلى كافة الأساليب لتشويه سمعة الأجيال التالية بسبب المنافسة الشرسة على خدمات التلميع والتمييع والتخندق مع مسؤول ضد آخر أو تسريب صفقة تمثل صفعة لنظام لم يهتم كثيرا بتمهين الحقل وغربلته من أدران اللامهنية حسب ما هو متعارف عليها عالميا.
فانتهى التصنيف إلى توصيف تفاضلي بين بيشمركي كبير وآخر متوسط وبيشمركي صغير لايكاد يحصل على قوت يومه.. التصنيف يتم تحويره حسب الاجيال الثلاثة المتعاقبة على العربدة في مايسمى مجازا بالحقل الصحفي.
البيشمركي الكبير هو الصحفي غير المتخصص وغير المحترف رغم تمتعه بعلاقات وازنة مع بعض رموز الدولة مبنية على الترغيب والترهيب من خلال ما يحصل عليه من أسرار وأخبار تتعلق بقطاعاتهم وتضخيمها بالشائعات، ليحصل مقابل سكوته عن بعضها أو جلها على عقود ومزايا ومكانة لدي صناع القرار، هذا إن كانت علاقاته غير متعدية مسرحها هو الحوزة الترابية الموريتانية، لأن هناك حيتانا كبيرة تربطها علاقة قوية مع دول أجنبية أو تنظيمات عالمية تتستر خلف اقنعة مختلفة دينية كانت أو قومية، ويتبجح بتلك العلاقات المشبوهة، ويتم التعامل معه كبشرمكي أو عميل مزدوج، ولايخفي انحيازه للطرف الأجنبي ويتملك العقارات ويشارك في الصفقات وعمليات التوريد لمختلف القطاعات ويحتكر المؤتمرات والمرافقات الرسمية بل وحتى الهيمنة على مخصصات الصحافة الهزيلة الممنوحة من طرف الدولة مستخدما ماتحصل عليه من نفوذ مالي وتأثير سياسي.
اما المتوسط فهو الحلقة الضعيفة الذي يجني قوته في الغالب من المؤسسات الإعلامية العمومية، ويستخدم مكانته لتأمين الصور والفيديوهات المنتجة لزبناء من مختلف المسؤولين والمنتخبين ليوفروا له بالمقابل عطايا واتصلات بمن تربطهم بهم علاقة من أركان النظام، والدفاع عنهم في معاركهم البينية، والحصول على مشاريع متفاوتة المنافع.
اما البشمركي الصغير فهو الهاوي للمهنة المتوجس خيفة من التصنيفين السابقين و لايجرؤ أن يناديهم بغير كنية (العميد) ويستميت في البحث عن الفتات كي يقتات وأقصى طموحه أن يعمل مع بشمركي كبير ليشتهر من خلال صولاته، أو يعطف عليه، ويسعى لحصوله على تعاون أو عمل في إحدى المؤسسات الكثيرة التي يطلع على هيكلتها الرسمية بحجة تسويقه لما سينجزه المدير أو الوزير من تغيرات في القطاع وحمايته من المظلومين المتذمرين من تلك الإجراءات.
وحتى لا أعمم فإن في الأجيال الثلاثة صحفيين مهنيين يحترمون العمل الصحفي الجاد لكنهم القلة القليلة، ولاتسعفهم الجهات الرسمية لإبراز قدراتهم المتميزة وتصنفهم بغير مضموني الولاء، والأدهى والأمر عندما يكتشف المسؤول أحدهم يبحث عن أقرب بشمركي كبير تابع له ليستخدم طاقاته من خلاله، امعانا في طمره وقتل عفته، لعل وعسى أن يلتحق تحت ضغط الظروف بإحدى الكتائب أو فيالق البشمركه حسب التوصيف المحلي المخجل والمربك بل والمعدي جدا للقلة الصادقة والصحيحة في حقل يتم تمييعه يوما بعد يوم برعاية شبه رسمية، أو على الأقل التغاضي عن مرض عضال تعانيه صاحبة الجلالة في هذا المنكب العليل من الكرة الأرضية.
الشيخ سيد محمد محمد المهدي بوجرانه