الراصد : كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساء بمطار أم التونسي بالعاصمة انواكشوط، حيث تتجه الرحلة إلى مطار اصطمبول التركي.
قالت صاحبة الاستقبال: ركاب گواتيمالا أولا.
إلتفت يمينا لأرى المسافرين إلى گواتيمالا، فوجدت أمامي مجموعة كبيرة من الشباب الموريتاني من أبناء وطني بمختلف ألوانهم وأعمارهم يحملون حقائب خفيفة. وقفوا مستعدين كالجنود قبل تحية العلم.
تساءلت أهؤلاء هم ركاب گواتيمالا….! قلتها بصوت مرتفع، فرد شيخ بجانبي: هؤلاء شبابنا وليسوا من گواتيمالا…..!
لماذا تذهبون؟
مالذي حملكم على هذا؟
قاطعته قائلًا: والدي ادعوا لهم الله بالتوفيق في رحلتهم فهذا ما يحتاجون إلى سماعه الآن…!
تبسم أحدهم وقال: صحيح.
حلقت الطائرة وبعد فترة وزعوا العشاء وكان أحد ركاب گواتيمالا بجانبي الأيسر لا يعرف كيف تستعمل الشوكة( فورشت). أخذ يراقبني ويأكل كما أفعل، وفي الآخير حاول فتح علبة الزبدة(بير) بالسكين وكاد يجرح يده. كان بجانبه في المقعد الثالث شاب آخر من ركاب گواتيمالا فتنبه وأخذ منه السكين وفتح العلبة الصغيرة بيده.
قلت له: هذه قطعة من بير، ضحك وقال: كنت أراقب كيف تأكل فأنا أركب الطائرة لأول مرة.
سألته من أي ولاية. فقال: من سيلبابي وحدد قريته…...
وصلنا مطار اصطمبول وحطت الطائرة. قبل النزول قالت المضيفة الأنيقة بلغة لا تخلوا من الشعور بالفخر: مرحبا بكم في مطار اصطمبول الدولي ملتقى العالم.
نزل ركاب گواتيمالا، وذهبوا في إتجاه واحد وأنا أشيعهم بنظرات كلها إشفاق ودعاء بالحفظ والتوفيق.
تذكرت رحلتي وأنا أركب الطائرة لأول مرة متوجها إلى باريس كطالب ويخامرني شعور بالفرحة والخوف معا من الغربة والمجهول…..!!!
حفظ الله أبناءنا حيثما حلو وارتحلو….!!!