بولا تينوبو “صانع الملوك” أصبح رئيسا لنيجيريا

خميس, 02/03/2023 - 07:58

الراصد : أعلنت مفوضية الانتخابات في نيجيريا الأربعاء فوز مرشح الحزب الحاكم في البلاد بولا أحمد تينوبو في انتخابات رئاسية متنازع عليها جرت السبت، وذلك بعد هزيمة اثنين من أقرب منافسيه، وبحسب اللجنة حصل تينوبو على 8,8 مليون صوت، متقدما على الرئيسيين لعتيق أبو بكر، مرشح حزب الشعب الديمقراطي وبيتر أوبي مرشح حزب العمال.

و أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات في نيجيريا الأربعاء فوز مرشح الحزب الحاكم بولا تينوبو بالانتخابات الرئاسية التي جرت السبت وتطعن المعارضة بنتائجها فيما يأمل البلد بحصول تغير في أكبر بلد في أفريقيا من حيث عدد السكان.

وقالت اللجنة الوطنية للانتخابات إن تينوبو، مرشح حزب "مؤتمر كل التقدميين"، حصل على 8,8 ملايين صوت في الاقتراع الذي شهد أكبر منافسة في تاريخ نيجيريا الديمقراطي.

وتقدم على منافسَيه الرئيسيَّين عتيق أبو بكر، مرشح حزب الشعب الديمقراطي الذي حصل على 6,9 ملايين صوت و بيتر أوبي  مرشح حزب العمال الذي حصد 6,1 ملايين صوت.

وبالإضافة إلى تصدره النتائج على المستوى الوطني فقد حصد تينوبو أيضا أكثر من 25% من الأصوات في ثلثي ولايات البلاد على الأقل (24 من 36 ولاية على الأقل) بالإضافة إلى منطقة العاصمة أبوجا، وهو شرط لا بد منه لفوزه بالرئاسة.

وخصه أنصاره باستقبال حار في مقر حملته الانتخابية بعيد إعلان فوزه.

ودافع تينوبو الأربعاء عن نزاهة الانتخابات، ودعا المواطنين إلى الالتفاف حوله بعد نزاع مرير حول النتائج التي قالت أحزاب المعارضة إنها معيبة.

وقال متوجها للمعارضة "أدعو منافسيَّ إلى تشكيل فريق يضمنا جميعا. هذا وطننا الوحيد". وكانت المعارضة قد اتهمت الحزب الحاكم بعمليات تزوير "هائلة" قبل إعلان النتائج حتى.

وأضاف "هذا بلدنا يتعين علينا بناءه معا وإصلاح ما تحطم منه. يجب أن نعمل بشكل موحد".

وتابع وسط الهتافات في أبوجا: "أنا سعيد جدا لانتخابي رئيسا لجمهورية نيجيريا الاتحادية ... هذا تكليف كبير. ومن ثم أقبله".

والرئيس الجديد يبلغ 70 عاما وملقب "العراب" بسبب نفوذه السياسي الواسع. وقد حقق بفوزه طموحا رافقه طوال مسيرته ولطالما أكد خلال حملته الانتخابية "أتى دوري".

ويخلف تينوبو الرئيس المنتهية ولايته محمد بخاري البالغ 80 عاما الذي تولى الرئاسة لولايتين متتاليتين وهو الحد الأقصى المسموح به بموجب الدستور.

وتخللت مسيرته السياسية اتهامات عدة بالفساد لكن لم يصدر أي حكم قضائي عليه ولطالما نفى أن يكون قد ارتكب أي مخالفة.

وهنأ الرئيس محمد بخاري خليفته في المنصب. وقال في بيان "انتخبه الشعب، من ثم فهو أفضل شخص لهذا المنصب. سأتعاون الآن معه ومع فريقه لضمان تسليم منظم للسلطة".

ويتوقع أن تصبح نيجيريا البالغ عدد سكانها 216 مليونا في العام 2050 ثالث أكبر دولة في العالم من حيث التعداد السكاني، وتقع في غرب أفريقيا المهدد بتراجع كبير للديمقراطية وبانتشار العنف الجهادي.

وأصبحت نيجيريا التي تنعم بأقوى اقتصاد في القارة الأفريقية قوة ثقافية عالمية بفضل نمط "أفروبيتس" الموسيقي الذي يشعل مسارح العالم مع نجوم مثل بورنا بوي وويزكيد.

إلا أن تينوبو يرث خصوصا مجموعة من المشاكل. فعلى مدى أربع سنوات سيتعين عليه تصحيح مسار هذا البلد الأفريقي العملاق الذي يعاني من تراجع اقتصادي ومن أعمال عنف متكررة ترتكبها جماعات مسلحة وإجرامية فضلا عن فقر معمم يطال السكان.

اتهامات تزوير

مع أنه اعتبر لفترة طويلة الأوفر حظا للفوز بالانتخابات خصوصا بفضل القاعدة الوطنية للحزب الحاكم وثروته الشخصية، إلا أن تينوبو وهو مسلم من شعب يوروبا، رأى الفارق مع منافسيه يتقلص مع تقدم الحملة الانتخابية.

فقد استقطبت شخصية بيتر أوبي الحاكم السابق البالغ 61 عاما والمعروف بنزاهته، جزءا كبيرا من الشباب المتعطش للتغيير الذي سئم من النخب الحاكمة التي تقدمت بالسن والمعروفة بفسادها.

يضاف إلى ذلك النقص الكبير جدا في الأوراق النقدية والوقود على مدى أسابيع قبل الانتخابات ما فاقم من غضب النيجيريين الكبير أصلا حيال السلطات التي لها سجل كارثي على خلفية انتشار كبير لانعدام الأمن وغلاء المعيشة.

ودعي السبت إلى الاقتراع أكثر من 87 مليون ناخب ليختاروا من بين 18 مرشحا، لكن لم تعرف حتى الآن نسبة المشاركة. وقد جرت عملية الاقتراع بهدوء عموما.

لكن بعد التأخر في فرز الأصوات والخلل الكبير في نقل النتائج الكترونيا ندد حزبا أبو بكر وأوبي بانتخابات "زائفة" وطالبوا بـ"إلغاء فوري" لها وإجراء "اقتراع جديد".

وكان من المفترض أن تكون الانتخابات هي الأكثر نزاهة في نيجيريا حتى الآن. لكن العملية الانتخابية واجهت مشاكل، بسبب التكنولوجيا الجديدة التي لم تعمل بشكل جيد وأثقلت على ما يبدو على شبكة الاتصالات النيجيرية التي تعاني من مشكلات أصلا.

ووعدت اللجنة الانتخابية بتحميل النتائج من كل وحدة اقتراع على موقعها على الإنترنت بمجرد صدورها، لكن لم يتسن تحقيق هذا في معظم الوحدات، مما قوض الثقة في العملية.

ولا تزال آلاف من النتائج في حاجة للتحميل.

وبسبب هذه الإخفاقات، رفضت أحزاب المعارضة الرئيسية التي ينتمي إليها أتيكو وأوبي النتائج باعتبارها مزيفة.

وشكك الحزبان أيضا باستقلالية اللجنة الانتخابية التي اعتبرت بدورها أن "لا أساس" لهذه الاتهامات. وأضافت أن المرشحين يمكنهم "اللجوء إلى المحاكم" إن اعتبروا أنهم تعرضوا للغبن.

ومنذ عودة الديمقراطية في العام 1999 جرت في نيجيريا سبعة انتخابات على المستوى الوطني شهدت كلها تقريبا عمليات طعن بنتائجها.

وانتقد مراقبون أجانب عدة غياب الشفافية أيضا.

ولكن تينوبو من جانبه أكد نزاهة الانتخابات وقال: "أشيد باللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة لإدارتها انتخابات ذات مصداقية بغض النظر عما يقوله أي شخص... الهفوات التي تم تسجيلها كانت قليلة العدد نسبيا ولم تكن جوهرية في التأثير على النتيجة النهائية للانتخابات".

وستكون خيبة الأمل كبيرة في صفوف أنصار المعارضة وبيتر أوبي الذين ظنوا حتى النهاية أن فوز مرشحهم ممكن خصوصا أنه يجسد بنظرهم انقطاعا عن ممارسات الماضي وقيام مجتمع أكثر عدلا.

وكان الكثير من المحللين يشككون بقدرة أوبي وهو من إثنية أيغبو وأصله من جنوب شرق البلاد، على تلبية شروط الدستور للفوز أي الحصول على ربع الأصوات في ثلثي ولايات البلاد.

والتصويت على أساس إثني لا يزال منتشرا جدا في نييجريا التي تضم أكثر من 250 مجموعة إثنية وتشهد استقطابا بين الشمال ذي الغالبية المسلمة والجنوب ذي الأكثرية المسيحية.