الراصد: استعادة عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة
نحتفل في العام 2023 بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو وثيقة بمثابة معجزة، ومن بين أكثر وثائق الأمم المتّحدة أهمية. وتذكّر مبادرة الاحتفال بالذكرى السنوية الـ75 بالإجماع الذي توخّاه الإعلان، كما تسعى إلى إعادة ضبط البنية التحتية الاستثنائية لحقوق الإنسان التي بنيناها معًا، وإلى تعزيزها وتطويرها. وفيما نحتفل بهذا الإنجاز البارز، من الضروري للغاية أن نعيد إحياء الروح والحيوية والاندفاع الذي أدّى إلى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل 75 عامًا، وأن نجدد الإجماع العالمي حوله، وهو إجماع لا يزال يوحدنا اليوم، في وقت نحتاج فيه بشكل عاجل إلى التعاضد من أجل مواجهة تحدياتنا الأكثر إلحاحًا.
وتصادف هذه الذكرى أيضًا الذكرى السنوية الـ30 لانعقاد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في العام 1993، الذي مهد الطريق أمام إنشاء مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، وهما محطّتان بارزتان في طريقنا نحو المزيد من الكرامة الإنسانية.
حماية وتعزيز حقوق الإنسان للجميع
في العام 1948، أقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن تعزيز وحماية حقوق الإنسان للجميع هو أساس الحرية والعدالة والسلام في العالم. كما أقر بأن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة، وترتكز على القيم الأساسية التي تشمل كل ثقافة ودين وقارة.
وعندما نستعرض السنوات الـ75 الماضية، يغمرنا الذهول والدهشة للتقدم البارز الذي أحرزته البشرية جمعاء. وكان الاعتراف المتزايد بحقوق الإنسان، على المستويات الفردي والمجتمعي والعالمي، مترسّخًا في صميم هذا التقدم. فتم إنشاء نظم من القوانين والهياكل لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، بما في ذلك الصكوك الدولية الأساسية التسعة في مجال حقوق الإنسان.
وفي مقابل ذلك، تسببت القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، التي تشكل التجربة الإنسانية، في انتكاسات قوّضت وعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتحقيق الكرامة والمساواة في الحقوق. فالكثير من إمكانات حقوق الإنسان على الإلهام والمساهمة في بناء عالم أفضل وأكثر مساواة وعدالة وازدهارًا للجميع لا يزال غير مستثمر إطلاقًا.
ولكن، فيما يواجه العالم سلسلة متزايدة من التحديات انطلاقًا من أزمة كوكبنا الثلاثية الأبعاد، مرورًا بالتفاوتات الصارخة، والتمييز بين الجنسين وردود الفعل العنيفة، وانعدام الأمن والنزاعات، وصولًا إلى تصاعد خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي والاستقطاب، تبقى حقوق الإنسان اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، وهي توحّدنا تحت رايتها للتغلب على هذه التحديات وضمان الكرامة والحرية والعدالة للجميع.
ثلاثة مسارات احتفالاً بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
تنسّق مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان مبادرة الاحتفال بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذلك بالتعاون مع شركائها، على أن تمتدّ الفعاليات من كانون الأوّل/ ديسمبر 2022 إلى كانون الأوّل/ ديسمبر 2023.
وسيشهد العام أنشطة جذابة وخطط مناصرة في جميع أنحاء العالم، تكون منظمة وفق ثلاثة مسارات وتنطوي على ثلاثة أهداف هي:
1- تعزيز عالمية حقوق الإنسان و عدم قابليتها للتجزئة: بهدف تجديد الإجماع على عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة وتوسيع قاعدة مناصريها، لا سيما بين الشباب.
2- التطلّع إلى المستقبل والتفكير في الإنجازات التي يمكن تحقيقها في مجال حقوق الإنسان على مدى السنوات الـ25 المقبلة، والتطلّع إلى الاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لاعتماد الإعلان، والتفكير بتمعّن في التحديات التي قد تهدّد حقوق الإنسان في المستقبل.
3- الحفاظ على النظم الداعمة لحقوق الإنسان وتعزيز هيكل حقوق الإنسان، بما في ذلك الرؤية الخاصة بمستقبل مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، وبناء الثقة وتعبئة المزيد من الموارد.;
من المتوقّع أن يشهد العالم حدثَيْن بارزَيْن في العام 2023 في ما يتعلق بالاحتفال بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هما:
- الاحتفال بالذكرى السنوية الـ30 لاعتماد إعلان وبرنامج عمل فيينا: وهو احتفال رفيع المستوى باعتماد إعلان وبرنامج عمل فيينا يركّز على التحديات الحالية ومستقبل إعلان فيينا وعمل المفوض السامي لحقوق الإنسان (فيينا، حزيران/ يونيو 2023).
- منتدى حقوق الإنسان: وهو حدث رفيع المستوى، يدعو إليه المفوض السامي لحقوق الإنسان، ويجمع بين الدول الأعضاء والمجتمع المدني وأصحاب المصلحة الآخرين بهدف التعهّد باتخاذ إجراءات حقيقية والانخراط فيها بالكامل. ويشكّل هذا الحدث تتويجًا للاحتفالات بالذكرى السنوية لاعتماد الإعلان (جنيف، كانون الأوّل/ ديسمبر 2023).