الراصد: لم يشهد الوطن في أي حقبة من تاريخه ، تراكما لسلطة و نموا لنظم العنف و الإستبداد السياسي والإجتماعي و الإقتصادي ، كما يشهده في هذه الفترة بالذات ، إنطلاقا من ظاهرة التأويل الذاتي لكل طرح في الساحة يخدم البلد أو يحاول حلا لأزمة قائمة .
من الصعب بل من المستحيل على نظام أن يتجاوز المشكلات الكبرى عنده بالتجاهل الواقع الراهن و أن ينجح في فهم مصير التحولات التي تشهدها الساحة و على جميع الأبعاد .
دون رسم الإطار الأعم و الأشمل الذي يعتبر الرحم الحاضن للوقائع و التحولات السريعة على مستوى الوعي العام لدى الأفراد و التكتلات - الأحزاب ، المنظمات - المجتمع المدني - كتاب - مدونون ..... و التي تخضع أكثر من أي زمن مضى لإغراءات الحداثة و التطور المذهل في المحيط الإقليمي و ما حققته على المستوى العالمي .
إن سياسة التجاهل لما تعيشه البلاد من أصناف القهر و العسف و الإذلال و القمع و التسلط و ما نشهده من إنتهاك لحقوق الإنسان و كرامة المجموعات و الأفراد ، و غياب الحريات الديمقراطية و الفكرية والسياسية ، بل كبت الفكر بالأساس .
هذا هو الذي أدى الى منع تشريع الأحزاب خوفا من الولوج الي الساحة ، و انتزاع بطاقة مشاركات فعلية يتم عن طريقها الخلاص من مخاطر الواقع المعاش . و ما يحمل من بنية هرمية عرجاء قاتلة لكل المطامح و الغايات .
في هذا السياق الإستثنائي الملحمي و المأساوي نفهم بجلاء و وضوح منع الأحزاب من التشريع، حتى يمنع التغيير و التقدم و فهم للأزمة الشاملة ، الإجتماعية و السياسية و الثقافية و الإقتصادية التي نعيشها اليوم .
إن وسيلة التحول و التغيير و التقدم نحو الأفضل هو الأخذ بمبادء الإخلاص و العدل و العلم و دراسة مستنيرة و واعية مستشرفة لما نحن فيه و تقديم حلول علمية و قابلة لتحقيق على أرض الواقع . كطرح الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية .
إن حسم القطيعة مع الماضي و الحاضر الذي نحن نعانيه ، ينحصر في الرد الذي يتوجب على الشعب الحر و المتطلع أن يصوغه في الإنتخابات القادمة . أن
يعبر عنه بمواجهة ما هو كائن الى ما نريد أن يكون . من بناء الإطار السياسي الذي يدعوا إليه الساسة المخضرمون المخلصون لبلدهم و ما أكثرهم في الإستحقاقات القادمة البلدية و النيابية و الجهوية ، من خلال تقديم جيل من أبناء الوطن البررة و القادرين على تحقيق المشروع الطموح المجسد في النظرة الشمولية لمستقبل البلد .
في هذه اللحظة التارخية نعتمد عليكم و بكم أنتم الشعب سوف نخلق أفضل فرص ستتاح في توظيف إمكانيات بشرية تخدم شروط ، الفضيلة و تنمية القيم الإيجابية ، و هو المجال الذي لا بد منه لتحديد الأهداف السليمة و بلورة القوى الفاعلة و بناء إستراتجيات ترجع بالنفع و المصلحة . و القصد من ذالك . كما يقول الرئيس بيرام الداه أعبيد خلق الوسائل التي تساعد شعبنا على النهوض من الواقع المزري الذي نحن فيه الي واقع يحلم به الجميع من الرفاه و عيش كريم .
موريتانيا للجميع و تسع الجميع .
نحمل الوطن فوق الرؤوس و على العيون
مكي عبد الله
عضو و ناشط في منظمة إيرا الحقوقية .
أنواذيب بتاريخ 27 / 1/ 2023