المسيَّرات تثبت جدارتها في جهود المراقبة والأمن البحري

خميس, 05/01/2023 - 21:00

الراصد : أسرة منبر الدفاع الإفريقي

تمتلك البلدان الساحلية الإفريقية مجتمعة أكثر من 13 مليون كيلومتر مربع من المسطحات البحرية، وهي مسؤولية ضخمة تتجاوز قدرة معظم البلدان. وهنا يأتي دور المسيَّرات.

تستخدم البلدان الطائرات والزوارق المسيَّرة لتعزيز قدرتها على القيام بدوريات في مياهها الساحلية وفرض سيطرتها عليها، إذ تسمح المسيَّرات بمراقبة القرصنة والصيد غير القانوني والأنشطة الأخرى وتوثيقها بأدنى قدر من الموارد البشرية.

قال قبطان الطائرات المسيَّرة إبونولوا جورج أوجو آمي، العضو في الأكاديمية البحرية النيجيرية والمتطوع في المعهد البحري لخليج غينيا، لمنبر الدفاع الإفريقي عبر البريد الإلكتروني: ”من أبرز فوائدها تعزيز الوعي بالظروف المحيطة بفضل هذه التكنولوجيا التي توسع نطاق رؤية الأهداف الموجودة في الميدان؛ مقارنة بالطائرات غير المسيَّرة، فإنَّ المسيَّرات تتميز بأنها منخفضة التكلفة نسبياً ويمكن تصميمها لتكون ذاتية الحركة تماماً أو شبه ذاتية الحركة.“

بينما تزن البلدان خياراتها لاستخدام تكنولوجيا المسيَّرات، فيمكنها أن تنظر إلى أوكرانيا كنموذج ناجح للبرنامج البحري القائم على المسيَّرات. فمنذ أن غزتها روسيا في شباط/فبراير، استخدم الجيش الأوكراني الطائرات والزوارق المسيَّرة كوسيلة إضافية لمواجهة روسيا في البحر الأسود.

تعمل الزوارق المسيَّرة الأوكرانية التي يبلغ طولها 3 أمتار ويجري التحكم فيها عن طريق أجهزة اللاسلكي على مسح سطح المياه على طول سواحل القرم وتضايق الأسطول الروسي في البحر الأسود المتمركز في ميناء سيفاستوبول الأوكراني المحتل.

ودمرت مسيَّرات سفينة روسية في تشرين الأول/أكتوبر، كما ألحق هجوم مشترك بمسيَّرات جوية وبحرية أضراراً بالغة بالسفينة الحربية الشهيرة «الأدميرال ماكاروف» لدرجة إخراجها من الخدمة لإصلاحها.

تتراوح تكنولوجيا المسيَّرات من الطائرات رباعية الأجنحة الصغيرة وغير المكلفة والمتوفرة للأغراض التجارية وصولاً إلى الطائرات الجوية العسكرية التي تبلغ تكلفتها ملايين الدولارات.

وعلى الرغم من استخدام المسيَّرات في المقام الأول فوق اليابسة، فقد زادت جاذبيتها للقوات البحرية المثقلة بالأعباء، ذلك لأنها مكلفة بمراقبة مساحات شاسعة من البحار والمحيطات عديمة المعالم. فقد حصلت نيجيريا على 4 طائرات مسيَّرة في عام 2021 في إطار مشروع «ديب بلو» المعني بالأمن البحري، إذ شهد خليج غينيا، أحد أكثر مناطق الشحن ازدحاماً في العالم، 130 من أصل 135 عملية قرصنة في العالم في عام 2020.

أعلن الدكتور بشير يوسف جاموه، المدير العام للوكالة النيجيرية للإدارة والسلامة البحرية، عن الطائرات المسيَّرة الجديدة على تويتر.

وقال: ”ستكفل الـ 4 طائرات المسيَّرة لدينا أن يكون لدينا نظام مراقبة مستدام على مدار الساعة من السماء يوفر معلومات آنية لاتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب للحفاظ على أمن مياهنا للشحن والبحارة.“

واستكملت سيشيل زوارق الدوريات لديها بمسيَّرات تستخدم الذكاء الاصطناعي لمراقبة سفن الصيد العاملة في منطقتها الاقتصادية الخالصة التي تبلغ مساحتها 1.3 مليون كيلومتر مربع.

وقال النيجيري أوجو آمي: ”يمكننا أن نرى كيف تعمل تكنولوجيا المسيَّرات معاً بسلاسة مع الكوادر الموجودة على الأرض، وكذلك دمجها وتواصلها مع أنظمة الأمن لديهم؛ إذ يسهل تعديل المسيَّرات لتعمل مع معظم برامج الأمان الحالية، فما أيسر إضافة المسيَّرات إلى العمليات القائمة.“

وترى الدكتورة ألبرتا أما ساجوي، المدير التنفيذي للمعهد البحري لخليج غينيا، في مقالها لمعهد «تشاتام هاوس» أنَّ البلدان الإفريقية بوسعها أن تقلل من اعتمادها على شركائها الدوليين من خلال تعزيز قدراتها على نشر الأمن على حدودها الساحلية.

فتقول: ”إنَّ زيادة التنسيق القاري وتوحيد العمل والقيادة يمكن أن يساعد الخيرات البحرية التي تتمتع بها إفريقيا على أن تصبح مورداً يمكن أن يعود بخير مستدام في مختلف أرجاء القارة.“

وذكر أوجو آمي أنَّ تجهيز أجهزة الأمن البحري الإفريقية بالمسيَّرات لا يخلو من التحديات.

فالمسيَّرات تتطلب تشريعات جديدة من الحكومات وتخصيص ميزانيات لشراء المعدات وتدريب الكوادر اللازمة لتشغيلها. كما تتعرَّض المسيَّرات لخطر التشويش الإلكتروني والاختراق وغيرها من الإجراءات المضادة. ويسهل الحصول على مسيَّرات صغيرة وغير مكلفة، بيد أنَّ نطاقها محدود وعمر بطاريتها قصير، في حين أنَّ المسيَّرات الأقوى أغلى منها بكثير ويصعب الحصول عليها.

وعلى الرغم من تلك العقبات، فإنه يرى أنَّ الحكمة تقتضي من البلدان الإفريقية أن تمنح المسيَّرات دوراً بارزاً في أمنها البحري.

 فيقول: ”الابتكار ركيزة من ركائز النمو، ويتطلب رهانات جريئة واستعداداً للمثابرة على الرغم من الانتكاسات والانتقادات والضبابية.“