حين ضاق الخناق بالملكة الراحلة اليزابيث سنة 1992 والتي وصفتها "بالسنة المشؤومة"،
قالت في خطابها الذي ألقته في مبنى غيلدهال : "يجب على أي مؤسسة أو سلطة أو ملكية مهما كانت، أن تتوقع خضوعها للمحاسبة من طرف من يدين لها بالولاء والتأييد، ناهيك عمن لا يدين لها بذلك. لكننا ننتمي جميعا إلى مجتمع واحد، وستكون تلك المحاسبة على نفس القدر من الفعالية لو تمت بقدر من الدماثة واللطف والتفهم".
عبرت الراحلة حينها عن الحاجة إلى انفتاح أكثر من جانب العائلة الملكية مقابل إعلام أقل عدائية تجاهها.
حين نتصفح مواقع التصنيف عندنا أو نقتفي أثر أغلب سياسيينا ندرك أننا في أمس الحاجة إلى تحرير هذه الفضاءات والساحات والمنابر من فرسان معبد الفساد قبل أن ينتشر مذهبهم وتعلوا كلمتهم وتترسخ عقيدتهم في نفوس العامة.
وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: لا تضعوا الحكمة عند غير اهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.
نجح الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني في إظهار سوءات الكثير من السياسيين، خاصة من المعارضين للأنظمة الحاكمة وكذلك الموالين لها، إلا أن روح التجديد لمّا تدخل الجسم السياسي بعد؛ خوفا من أشباح الأمس خاصة بعد تصدر بعضهم قمم الإصلاح لحزب انصاف.
من باب الواقعية لا يتحمل الرئيس وحده المسؤولية بل نتحملها جميعا ولا حل يلوح في الأفق مالم نتجاوز حدود الشكوى والهجاء إلى مرحلة القدرة على صناعة منظومة فكرية وسياسية تقدم المناسب" على الأقل"
ونخرج بلادنا بذلك من شرَك منظومة تعيد إنتاج نفسها من مرحلة تاريخية الى أخرى.
لقد بات العقل الجمعي متعايشا مع واقع الفساد السياسي، والاعلامي والاجتماعي والاقتصادي و……ولعلنا نصدق ذلك إن نحن نظرنا إلى فقهائنا "المالكية" فقد قال بعضهم: "من اشتدت وطأته وجبت طاعته"!
أعتقد أنه آن الأوان إلى إحياء روح المبادرة الغائبة عند أغلبنا فالوطن يحتاجنا جميعا ويستحق الكثير خاصة أن الغالبية مدينة له بما لا طاقة لسابع جيل بعدها لسداده، ولا مجال للتسويف قبل أن يصير الوطن جدارا يريد أن ينقض ولن يتكرر موسى والخضر قطعا عليهما السلام !!
من يتقن من الحديث ما يُنتفع به فاليعتلي المنابر، ومن يستطيع الإتفاق في أوجه الخير دون مَنٍ ولا أذى فالينفق، ومن يجمع مابين السياسة والأخلاق فاليبادر إلى عرصاتها وميادينها، ومن لا يتقن إلا الفساد فما من خدمة يوجهها لوطنه ومجتمعه ونفسه إلا أن يتوارى عن الأنظار ولو قليلا ليستبقي ما بقي من ماء وجهه.