التنافس السلبي.....

جمعة, 02/09/2022 - 13:01

بنشاب : زار دولة عربية ( إفريقية ) في التسعينيات مندوب إحدى شركات الدعاية والإعلام البريطانية، بغرض التسويق وتشجيع شركاتها لاستغلال منابر الشركة في الدعاية عبر المنصات العالمية. قضى حوالي نصف العام ولما جاء ميعاد مغادرته زار صديقا له مودعاً، فقال له مازحاً كيف وجدت بلادي بعد عشرة أعوام ؟!  سننافسكم بالتأكيد ونفوق العالم أجمع. فاجأني بدون مجاملة: ولا بعد قرن ستفعلون ذلك.

استغرب الصديق وسأله : لماذا ؟ .....
فرد المندوب :
.....  الموضوع لا علاقة له بالسياسة مثلا اليابان وألمانيا الآن من السبعة العظام وسبق أن اجتمع العالم على حربهما، أنا هنا في بلدكم منذ ستة أشهر، التقيت كل معظم قادة المجتمع في السياسة والأعمال والرياضة والفن بل وحتى الدين، ما لاحظته أن شعبكم يعاني من مرض اجتماعي خطير سيؤدي إلى تدميره وهو "التنافس السلبي"، وهذا المرض لم تخرج أوروبا من تخلفها الا بعد تخلصها منه عبر حروب استمرت عقود.

ماذا تقصد بالتنافس السلبي ؟! سأل الصديق.

فرد عليه :
 التنافس السلبي، هو الرغبة في إعادة منافسيك خلفك وأنت في مكانك لا تبذل أي مجهود لأن تتقدم عليهم، فقط تدمرهم وتعيدهم للوراء،  بهذه الطريقة البلد لن تتقدم لأن كل من يتقدم يترصده الآخرين لاعادته للخلف، وكما ذكرت لك فقد جالست الكثيرين وكل من جالست لا يحدثك عن خططه للتقدم بمهنته أو نشاطه وإنما يحدثك عن الآخرين حديثاً سالباً هو اغتيال معنوي، ويخبرك عن التحريض على سحقهم وخطته في ذلك ليست خطة قائمة على المنافسة الحرة ولكن خطته استخدام سلطة الجهاز الحكومي في ذلك. 

إن استخدام السلطة السياسية في حسم أشكال التنافس المختلفة يزهق السلطة القضائية وتضيع العدالة ويضعف دور المجتمع، حينئذ ينفرد الساسة بأطماعهم وجهلهم وضعف موهبتهم بإدارة الأعمال في مختلف المجالات ويكونوا هم المسيطرون ويظل المجتمع ضعيفا وينتظر الجميع فتات موائدهم، بهذه الطريقة لن يتقدم المجتمع وسيظل في مكانه يقوده الساسة ليحارب الجميع بعضهم البعض ويدمر كل واحد الآخر بعون السياسي الذي يقبض المقابل نفوذاً وسلطة ومالا، بينما يقبض الاخرين الريح، وهكذا سيظل المجتمع إنجازه التدمير الممنهج لموارده من أصحاب المواهب والمبادرات.

#منقول بتصرف.